حملة وتبعته خويلة لم تبلغ المائة فارس فأجالهم فيها جولان الرحى المسرحة بثقالها فارتفعت عجاجة منعتني النظر ثم انجلت، فأثبت النظر فلم نر إلا رأسا نادرا ويدا طايحة فيما كان بأسرع من أن ولوا مدبرين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة فإذا أمير المؤمنين قد أقبل وسيفه ينطف ووجهه كشقة القمر وهو يقول:
قاتلوا أئمة الكفر انهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون.
قال عكرمة: وكان ابن عباس (رضي الله عنه) يحدث فيقول (1): أمر رسول الله عليا (عليه السلام) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، وقال (صلى الله عليه وآله): يا علي أنك لمقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ".
49 - أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي (رحمه الله) بقراءتي في مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في شهر رمضان سنة إحدى عشرة وخمسمائة، عن أبيه، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام، قال: حدثني أبو الطيب أحمد بن محمد بن بويطة - وكان لا يدخل المشهد ويزور من وراء الشباك - فقال لي:
" جئت يوم عاشوراء نصف نهار ظهر (2) والشمس تغلي والطريق خال من أحد وأنا فزع من الذعار ومن أهل البلد أتخفى، إلى أن بلغت الحائط الذي امضي منه إلى الشباك، فممدت عيني فإذا أنا برجل جالس على الباب ظهره إلي، كأنه ينظر في دفتر فقال لي: أين يا أبا الطيب، بصوت يشبه صوت حسين بن علي بن محمد بن الرضا (3).
فقلت: هذا حسين قد جاء يزور أخاه، فقلت: يا سيدي امضي أزور من الشباك وأجيئك فاقضي حقك، فقال: ولم لا تدخل يا أبا الطيب [فقلت له: الدار لها مالك لا أدخلها من غير اذنه، فقال: يا أبا الطيب] (4) تكون مولى لنا ورقا وتوالينا حقا ونمنعك تدخل الدار ادخل يا أبا الطيب، فقلت: امضي أسلم عليه ولا أقبل منه.