كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٢
أخبرك أبا بكر (1)! إني أظن بأن معاوية قد مات، وذلك أني رأيت البارحة في منامي كأن منبر معاوية منكوس، ورأيت داره تشتغل نارا، فأولت ذلك في نفسي أنه مات.
فقال له ابن الزبير: فاعلم يا بن علي أن ذلك كذلك، فما ترى أن تصنع إن دعيت إلى بيعة يزيد أبا عبد الله؟ قال: أصنع أني لا أبايع له أبدا، لأن الأمر إنما كان لي من بعد أخي الحسن، فصنع معاوية ما صنع وحلف لأخي الحسن أنه لا يجعل الخلافة لأحده من بعده من ولده وأن يردها إلي إن كنت حيا (2)، فإن كان معاوية قد خرج من دنياه ولم يفئ لي ولا لأخي الحسن بما كان ضمن فقد والله أتانا ما لا قوام لنا به، انظر أبا بكر أنى أبايع ليزيد ويزيد رجل فاسق معلن الفسق يشرب الخمر ويلعب بالكلاب والفهود ويبغض بقية آل الرسول! لا والله لا يكون ذلك أبدا.
قال فبينما هما كذلك في هذه المحاورة إذ رجع إليهما الرسول (3) فقال: أبا عبد الله! إن الأمير قاعد لكما خاصة تقوما إليه! قال: فزبره الحسين بن علي ثم قال: انطلق إلى أمير لا أم لك! فمن أحب أن يصير إليه منا فإنه صائر إليه، وأما أنا فإني أصير إليه الساعة إن شاء الله تعالى.
قال: فرجع الرسول أيضا إلى الوليد بن عتبة فقال: أصلح الله الأمير! أما الحسين بن علي خاصة فقد أجاب وها هو صائر إليك في إثري، فقال مروان بن الحكم: غدر والله الحسين! فقال الوليد: مهلا! فليس مثل الحسين يغدر (4) ولا يقول شيئا ثم لا يفعل.
قال: ثم أقبل الحسين على من بحضرته فقال: قوموا إلى منازلكم فإني صائر إلى هذا الرجل فأنظر ما عنده وما يريد. فقال له ابن الزبير: جعلت فداك يا بن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! إني خائف عليك أن يحبسوك عندهم فلا يفارقونك أبدا دون أن تبايع أو تقتل. فقال الحسين: إني لست أدخل عليه وحدي، ولكن أجمع أصحابي إلي وخدمي وأنصاري وأهل الحق من شيعتي، ثم آمرهم أن يأخذ كل واحد سيفه مسلولا تحت ثيابه ثم يصيروا بإزائي، فإذا أنا أومأت إليهم وقلت: يا آل الرسول ادخلوا!
دخلوا وفعلوا ما أمرتهم به، فأكون على الامتناع، ولا أعطي المقادة والمذلة من

(1) هي كنية عبد الله بن الزبير.
(2) راجع ما لاحظناه - في المجلد الثاني - حول صلح الحسن ومعاوية.
(3) لم يرد خبر رجوع الرسول إليهما في أي من المصادر.
(4) بالأصل " يقدر " وما أثبتناه يوافق السياق.
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169