الأمير! لا تعجل فإني لك على ما تحب وأنا صائر إليك إن شاء الله! قال: فأبى الوليد بن عتبة ذلك وجعل يرسل إليه رسولا بعد رسول حتى أكثر عليه من الرسل.
قال: وجعل أصحاب الوليد بن عتبة ينادون عبد الله بن الزبير ويقولون: يا بن الكاهلية! والله لتأتين الأمير ولتبايعنه أو لنقتلنك (1). قال: فأقبل جعفر بن الزبير حتى دخل على الوليد بن عتبة فسلم وقال: أصلح الله الأمير كف عن عبد الله فإنك قد دعوته وأنا صائر به إليك غدا إن شاء الله (2) ولا تلج به ومر أصحابك أن ينصرفوا عنه فإنك لن ترى منه إلا ما تحب. فأقبل الوليد على جعفر بن الزبير، فقال الوليد لجعفر: إن مثلي ومثل أخيك كما قال الله تعالى: * (إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) * (3). فأمسك الوليد عن عبد الله بن الزبير يومه ذلك، وأرسل إلى الرسل فأمرهم بالانصراف عنه (4).
فلما كان في نصف الليل وهدأت العيون خرج عبد الله بن الزبير ومعه إخوته بأجمعهم، فقال عبد الله لإخوته: خذوا عليهم غير المحجة فإني أيضا آخذ عليها مخافة أن يلحقنا الطلب. قال: فتفرق عنه إخوته ومضى عبد الله ومعه أخوه جعفر، ليس معهما ثالث، فأخذ على مجهول الطريق إلى مكة (5). وأصبح الوليد ففقد أولاد الزبير وعلم أن عبد الله قد هرب إلى مكة، فغضب لذلك وضاق به ذرعا، فقال له مروان: إن الأمير أبقاه الله إذا استشار أمراء المعرفة والنصيحة وأشاروا عليه فلم يقبل فيكون قد أخطأ وضيع الحزم، والآن فأنا أعلم أنه ما أخطأ طريق مكة فسرح في طلبه الرجال من قبل أن يمعن في المسير قال: فدعا الوليد برجل يقال له حبيب بن كزبر (6) فوجه به في ثلاثين (7) راكبا من موالي بني أمية في طلب عبد الله بن الزبير (8).
ثم أرسل إلى كل من كان من شيعة عبد الله بن الزبير فأخذه وحبسه وفيمن