كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٨٤
إلى أصحابه فقال لهم: أهذه كربلاء؟ فقالوا: نعم.
ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء فقال الحسين لأصحابه: انزلوا هذا موضع كرب وبلاء، ههنا مناخ ركابنا ومحط رحالنا وسفك دمائنا. قال: فنزل القوم وحطوا الأثقال ناحية من الفرات، وضربت خيمة الحسين لأهله وبنيه، وضرب عشيرته خيامهم من حول خيمته، وجلس الحسين وأنشأ يقول (1):
يا دهر أف لك من خليل * كم لك بالإشراق والأصيل من طالب وصاحب قتيل * وكل حيي عابر سبيل ما أقرب الوعد من الرحيل * وإنما الأمر إلى الجليل قال: وسمعت ذلك أخت الحسين زينب وأم كلثوم فقالتا (2): يا أخي! هذا كلام من أيقن بالقتل، فقال: نعم يا أختاه! فقال زينب (3): وا ثكلاه! ليت الموت أعد مني الحياة! مات جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومات أبي علي، وماتت أمي فاطمة، ومات أخي الحسن عليهم السلام، والآن ينعي إلي الحسين نفسه (4)، قال: وبكت النسوة ولطمن الخدود، قال: وجعلت أم كلثوم تنادي: وا جداه! وا أبي علياه!
وا أماه! وا حسناه! وا حسيناه! وا ضيعتنا بعدك! وا أبا عبد الله! فعذلها الحسين وصبرها وقال لها (5): يا أختاه! تعزي بعزاء الله وارضي بقضاء الله، فإن سكان السماوات يفنون وأهل الأرض يموتون وجميع البرية لا يبقون، وكل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون، وإن لي ولك ولكل مؤمن ومؤمنة أسوة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم. ثم قال لهن: انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن وجها.
قال: فأقبل الحر بن يزيد حتى نزل حذاء الحسين في ألف فارس، ثم كتب إلى عبيد الله بن زياد يخبره أن الحسين نزل بأرض كربلاء. قال: فكتب عبيد الله بن

(1) الأبيات في الطبري 5 / 420 وابن الأثير 2 / 560 باختلاف في بعض الألفاظ.
(2) بالأصل: فقالوا.
(3) انظر مقالة زينب (رض) في الطبري 5 / 420.
(4) زيد في الطبري: يا خليفة الماضي، وثمال الباقي.
(5) في الطبري ورد قول للحسين بن علي هذا لأخته زينب (رض). باختلاف وزيادة.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169