كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٤٠
ألف درهم أخرى وأعطاه عروضا (1) بمائتي ألف درهم، ثم قال: يا أبا القاسم! إني لا أعلم على وجه الأرض في مثل اليوم رجلا هو أعلم منك بالحلال والحرام، وقد كنت أحببت أن لا تفارقني وأن تعظني وتأمرني بما فيه حظي ورشدي، فو الله لا أحب أن تنصرف عني وأنت ذام (2) لشيء من أخلاقي، قال: فقال له محمد بن علي: أما ما كان منك إلى الحسين فذاك شيء لا تستدرك، وأما الآن فإني ما رأيت منك منذ قدمت عليك إلا خيرا، ولو رأيت منك خصلة أكرهها لما وسعني السكوت دون ما أنهاك عنها وأخبرك بحق الله فيها الذي أخذ الله تبارك وتعالى على العلماء في علمهم أن يبينوه للناس ولا يكتمونه ولست مؤديا عنك من إلى ورائي من الناس إلا خيرا غير أني أنهاك عن شرب هذا الخمر المسكر فإنه رجس من عمل الشيطان، وليس من ولي أمور الأمة ودعي له بالخلافة على رؤوس الأشهاد على المنبر كغيره من الناس، فاتق الله في نفسك وتدارك ما فات من أمرك - والسلام -.
قال: فسر يزيد بما سمع من محمد بن علي سرورا شديدا ثم قال: إني قابل منك ما أمرتني به، وإني أحب أن تكاتبني في كل حاجة تعرض لك من صلة أو تعاهد ولا تقصرن في ذلك، فقال محمد بن علي: أفعل ذلك إن شاء الله ولا أكون إلا عند ما تحب.
قال: ثم ودعه محمد بن علي ورجع إلى المدينة ففرق ذلك المال كله في أهل بيته وسائر بني هاشم وقريش، [وما] من سائر النساء والرجال والذرية والموالي إلا صار إليه شيء من ذلك المال. ثم خرج محمد بن علي من المدينة إلى مكة، فأقام بها مجاورا لا يعرف شيئا غير الصوم والصلاة.
ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته قال: وتحرك عبد الله بن الزبير ودعا إلى نفسه وجعل يبايع سرا، ويزيد لا يعلم بشيء من ذلك، قال: وأقبل نفر من أصحاب عبد الله بن الزبير منهم عبد الله بن مطيع العدوي والعباس بن سهل الأنصاري وجماعة من أولاد المهاجرين والأنصار حتى دخلوا على محمد بن علي رحمه الله فسلموا عليه. فرد عليهم السلام وأمرهم

(1) في الأصل: عروض.
(2) بالأصل: " دام ".
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169