يدي الحسين، فتنحى عنه راجعا إلى ورائه وأقبلت السهام كأنها المطر، فقال الحسين لأصحابه: أيها الناس! هذه رسل القوم إليكم، فقوموا إلى الموت الذي لا بد منه.
ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم قال: فوثب أصحاب الحسين فخرجوا من باب خندقهم، وهم يومئذ اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا، والقوم اثنان وعشرون ألفا لا يزيدون ولا ينقصون، فحمل بعضهم على بعض فاقتتلوا ساعة من النهار حملة واحدة، حتى قتل من أصحاب الحسين نيف وخمسون رجلا - رحمة الله عليهم -. قال: فعندها ضرب الحسين بيده إلى لحيته وجعل يقول: اشتد غضب الله على اليهود إذ جعلوا لله ولدا، واشتد غضب الله على النصارى (1)، واشتد غضب الله على المجوس إذ عبدت الشمس والقمر والنار من دون الله، واشتد غضب الله على قوم اجتمعت آراؤهم على قتل ابن بنت نبيهم، والله ما أجبتهم إلى شيء مما يريدونه أبدا حتى ألقى الله وأنا مخضب بدمي، قال: ثم صاح الحسين: أما من مغيث يغيثنا لوجه الله؟ أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله؟
قال: فإذا الحر بن يزيد (2) الرياحي قد أقبل يركض فرسه حتى وقف بين يدي الحسين رضي الله عنه، فقال: يا بن بنت رسول الله! كنت أول من خرج عليك، أفتأذن لي أن أكون أول مقتول بين يديك، لعلي أبلغ بذلك درجة الشهداء فألحق بجدك صلى الله عليه وآله وسلم! فقال الحسين: يا أخي! إن تبت كنت ممن تاب الله عليهم، إن الله هو التواب الرحيم (3).
ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسين بن علي قال فأول: من تقدم إلى قتال القوم الحر بن يزيد الرياحي وهو يقول:
إني أنا الحر ومأوى الضيف * أضرب في أعراضكم بالسيف