كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٢٣
عبد الله بن مطيع: خار (1) الله لك يا بن بنت رسول الله فيما قد عزمت عليه غير أني أشير عليك بمشورة فاقبلها مني، فقال له الحسين. وما هي يا بن مطيع؟ قال: إذا أتيت مكة فاحذر أن يغرك أهل الكوفة (2) فيها قتل أبوك وأخوك (3) بطعنة طعنوه كادت أن تأتي على نفسه، فألزم الحرم فأنت سيد العرب في دهرك هذا، فو الله لئن هلكت ليهلكن أهل بيتك بهلاكك والسلام. قال: فودعه الحسين ودعا له بخير وسار حتى وافى مكة، فلما نظر إلى جبالها (4) من بعيد جعل يتلو هذه الآية: (ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) (5).
ودخل الحسين إلى مكة ففرح به أهلها فرحا شديدا. قال: وجعلوا يختلفون إليه بكرة وعشية، واشتد ذلك على عبد الله بن الزبير لأنه قد كان طمع أن يبايعه أهل مكة، فلما قدم الحسين شق ذلك عليه، غير أنه لا يبدي ما في قلبه إلى الحسين لكنه يختلف إليه ويصلي بصلاته ويقعد عنده ويسمع من حديثه وهو مع ذلك يعلم أنه لا يبايعه أحد من أهل مكة والحسين بن علي بها، لأن الحسين عندهم أعظم في أنفسهم من ابن الزبير (6).
قال: وبلغ ذلك أهل الكوفة أن الحسين بن علي قد صار إلى مكة. وأقام الحسين بمكة باقي شهر شعبان ورمضان وشوال وذي (7) العقدة. قال: وبمكة يومئذ عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، فأقبلا جميعا حتى دخلا على الحسين وقد عزما على أن ينصرفا إلى المدينة فقال له ابن عمر: أبا عبد الله! رحمك الله اتق (8) الله الذي إليه معادك! فقال عرفت من عداوة أهل هذا البيت لكن وظلمهم إياكم، وقد ولي الناس هذا الرجل، يزيد بن معاوية، ولست

(١) أي جعل لك الخير.
(٢) في الأخبار الطوال ص ٢٢٨ وابن الأثير ٢ / ٥٣٣ فإياك والكوفة فإنها بلدة مشؤومة.
(٣) الأخبار الطوال وابن الأثير: وبها خذل أخوك.
(٤) في النسخ: حالها " وما أثبتناه الصواب.
(٥) سورة القصص الآية ٢٢.
(٦) في البداية والنهاية ٨ / 175 أن ابن الزبير كان يغدو ويروح إلى الحسين ويشير عليه أن يقدم العراق، ويقول: هم شيعتك وشيعة أبيك.
(7) بالأصل: ذو. (8) بالأصل: اتقي.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169