تعجلوا بالفتنة فإن صاحبكم لم يقتل، والذي أبلغكم فإنه أبلغكم باطلا. قال:
فرجع القوم وانصرفوا.
قال: وخرج عبيد الله بن زياد من القصر حتى دخل المسجد الأعظم فحمد الله وأثنى عليه، ثم التفت فرأى أصحابه عن يمين المنبر وعن شماله وفي أيديهم الأعمدة والسيوف المسللة، فقال: أما بعد يا أهل الكوفة فاعتصموا بطاعة الله ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وطاعة أئمتكم ولا تختلفوا ولا تفرقوا (1) فتهلكوا وتندموا وتذلوا وتقهروا، فلا يجعلن أحد على نفسه سبيلا، وقد أعذر من أنذر.
قال: فما أتم عبد الله بن زياد ذلك الخطبة حتى سمع الصيحة، فقال: ما هذا؟ فقيل له: أيها الأمير! الحذر الحذر! هذا مسلم بن عقيل قد أقبل في جميع من بايعه (2)! قال: فنزل عبيد الله بن زياد عن المنبر مسرعا وبادر فدخل القصر و أغلق الأبواب.
ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله ابن زياد قال: وأقبل مسلم بن عقيل رحمه الله في وقته ذلك عليه وبين يديه ثمانية عشر ألفا أو يزيدون (3)، وبين يديه الأعلام وشاكوا السلاح، وهم في ذلك يشتمون عبيد الله بن زياد ويلعنون أباه. قال: وركب أصحاب عبيد الله واختلط القوم، فقاتلوا قتالا شديدا (4)، وعبيد الله بن زياد وجماعة من أهل الكوفة قد أشرفوا على جدار القصر ينظرون إلى محاربة الناس.