كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٠
معاوية كان عبد الله (1) من عباده أكرمه الله واستخلفه وخوله ومكن له ثم قبضه إلى روحه وريحانه ورحمته وغفرانه، عاش بقدر ومات بأجل، عاش برا تقيا وخرج من الدنيا رضيا زكيا، فنعم الخليفة كان ولا أزكيه على الله، هو أعلم به مني، وقد كان عهد إلى عهدا وجعلني له خليفة من بعده، وأوصاني أن أحدث آل أبي تراب بآل أبي سفيان لأنهم أنصار الحق وطلاب العدل، فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة على أهل المدينة - والسلام - (2) -.
قال: ثم كتب إليه في صحيفة صغيرة كأنها أذن فأرة: أما بعد فخذ الحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر (3) وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بن الخطاب أخذا عنيفا ليست فيه رخصة، فمن أبى عليك منهم فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه.
قال: فلما ورد كتاب يزيد على الوليد بن عتبة (4) وقرأه قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يا ويح الوليد بن عتبة من أدخله في هذه الإمارة، ما لي وللحسين ابن فاطمة! قال: ثم بعث إلى مروان بن الحكم (5) فأراه الكتاب فقرأه واسترجع، ثم قال: يرحم الله أمير المؤمنين معاوية! فقال الوليد: أشر علي برأيك في هؤلاء القوم كيف ترى أن أصنع، فقال مروان: ابعث إليهم في هذه الساعة فتدعوهم إلى البيعة والدخول في طاعة يزيد (6)، فإن فعلوا قبلت ذلك منهم، وأن أبوا قدمهم واضرب أعناقهم قبل (7) أن يدروا بموت بمعاوية فإنهم إن علموا ذلك وثب كل رجل منهم فأظهر الخلاف ودعا إلى نفسه، فعند ذلك أخاف أن يأتيك من قبلهم ما لا قبل لك به وما لا يقوم له إلا عبد الله بن عمر، فإني لا أراه ينازع في هذا الأمر أحدا إلا أن تأتيه الخلافة فيأخذها عفوا، فذر عنك ابن عمر (8) وابعث إلى الحسين بن علي وعبد الرحمن بن

(١) الطبري: عبدا من عباد الله.
(٢) الكتاب باختلاف في الطبري ٥ / ٣٣٨ والإمامة والسياسة (من تحقيقنا ١ / ٢٢٥).
(٣) مر أن عبد الرحمن بن أبي بكر كان قد توفي منذ زمن، ولم يرد ذكره في نص نسخة الكتاب في الطبري ٥ / ٣٣٨ وابن الأثير ٢ / ٥٢٩ والأخبار الطوال ص ٢٢٧.
(٤) بالأصل " عقبة " خطأ.
(٥) وكان مروان بن الحكم أميرا على المدينة قبل ولاية الوليد عليها، وكان ما بينهما متباعدا، حتى وصول كتاب يزيد.
(٦) في الإمامة والسياسة: فإنهم إن بايعوا لم يختلف على يزيد أحد من أهل الإسلام (٧) في الأخبار الطوال: قبل أن يعلن الخبر.
(٨) في الطبري: أما ابن عمر فإني لا أراه يرى القتال، ولا يحب أن يولى على الناس، إلا أن يدفع إليه هذا الأمر عفوا.
وفي الأخبار الطوال: أما عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر (كذا) فلا تخافن ناحيتهما. فليسا بطالبين شيئا من هذا الأمر.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169