قال: فجاء سلم حتى نزل على جسر البصرة وبينه وبين أخيه عبيد الله السيف، وذاك أن عبيد الله قد كان متزوجا بامرأة يقال لها أم محمد بنت عبيد الله بن عثمان الثقفي (1) ثم طلقها وتزوجها أخوه سلم بن زياد، فكان ذلك مما ولد العداوة بينهما. قال: وجعل عبيد الله بن زياد ينظر فكل من خرج من أهل البصرة إلى أخيه سلم يعمد إلى داره فيهدمها، حتى هدمت دور كثيرة بالبصرة، وكتب سلم بن زياد بذلك إلى يزيد بن معاوية، فكتب يزيد إلى عبيد الله بن زياد وعزم عليه أن يبني كل دار هدمها بالجص والآجر والساج، ففعل ذلك صاغرا. قال: وكان حنظلة بن عرابة (2) الشاعر أيضا مما هدمت داره لما لحق بسلم بن زياد فأنشأ في ذلك يقول:
[تخيرت القلوب فحظ رحلي * إلى سلم ولم يحظ اختياري يقولون اعتذر من حب سلم * إذا لا يقبل الله اعتذاري إذا مرت يجركم نعالي * فقوموا فانظروا في شأن داري وقوموا ظالمين فهدموها * وألقوا في صحيفتكم صغاري] قال: وسار سلم بن زياد إلى بلاد خراسان ومعه المهلب بن أبي صفرة وسادات البصرة، حتى إذا صار إلى مدينة مرو نزلها ثم جعل يغزو أطراف خراسان، فكلما فتح فتحا أو أصاب نفلا (3) أخرج من ذلك الخمس فوجه به إلى يزيد وقسم باقي ذلك في أصحابه، فلم يزل سلم بن زياد إلى أن مات يزيد. وسنرجع إلى خبره إن شاء الله تعالى.
ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته قال: ثم كتب يزيد بن معاوية إلى محمد بن علي وهو يومئذ بالمدينة، فكتب إليه: أما بعد فإني أسأل الله لي ولك عملا صالحا يرضى به عنا، فإني لا أرى اليوم في بني هاشم رجلا هو أرجح منك فهما وعلما، ولا أحضر فهما وحكما، ولا أبعد من كل سفه ودنس، وليس من يتخلق بالخير تخلقا ويتبجل بالفضل تبجلا كمن جبله الله على الخير جبلا، وقد عرفنا ذلك منك قديما وحديثا وشاهدا وغائبا، غير أني قد