الله (1)! ذرنا حتى نقاتل هؤلاء القوم، فإن قتالنا الساعة نحن وإياهم أيسر علينا وأهون من قتال من يأتينا من بعدهم، فقال لحسين: صدقت يا زهير! ولكن ما كنت بالذي أنذرهم بقتال حتى يبتدروني (2). فقال له زهير. فسر بنا حتى نصير بكربلاء فإنها على شاطئ الفرات فنكون هنالك، فإن قاتلونا (3) قاتلناهم واستعنا بالله عليهم.
قال: فدمعت عينا الحسين، ثم قال: اللهم! ثم اللهم! إني أعوذ بك من الكرب والبلاء! قال: ونزل الحسين في موضعه ذلك ونزل الحر بن يزيد حذاءه في ألف فارس، ودعا الحسين بداوة وبياض وكتب إلى أشراف الكوفة ممن كان يظن أنه على رأيه.
ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى سليمان بن صرد والمسيب من نجبة ورفاعة بن شداد وعبد الله بن وال، وجماعة المؤمنين، أما بعد (4)! فقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قال في حياته: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرام أو تاركا (5) لعهد الله ومخالفا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ثم لم يغير عليه (6) بقول ولا فعل كان حقا (7) على الله أن يدخله مدخله، وقد علمتم أن هؤلاء لزموا طاعة الشيطان وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا (8) بالفيء، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله. وأنا أحق من غيري بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ببيعتكم أنكم لا تخذلوني، فإن وفيتم لي ببيعتكم فقد استوفيتم حقكم وحظكم ورشدكم، ونفسي مع أنفسكم، وأهلي وولدي مع أهاليكم