نفسي، فقد علمت والله أنه جاء من الأمر ما لا قوام به، ولكن قضاء الله ماض في وهو الذي يفعل في بيت رسوله عليه السلام ما يشاء ويرضى.
قال: ثم صار الحسين بن علي إلى منزله ثم دعا بماء، فلبس وتطهر بالماء وقام فصلى ركعتين ودعا ربه بما أحب في صلاته، فلما فرغ من ذلك أرسل إلى فتيانه وعشيرته ومواليه وأهل بيته فأعلمهم بشأنه ثم قال: كونوا بباب هذا الرجل فإني ماض إليه ومكلمه، فإن سمعتم أن صوتي قد علا وسمعتم كلامي وصحت بكم فأدخلوا يا آل الرسول واقتحموا من غير إذن ثم أشهروا السيوف ولا تعجلوا، فإن رأيتم ما تكرهون فضعوا سيوفكم ثم اقتلوا من يريد قتلي!
ثم خرج الحسين من منزله وفي يده قضيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في ثلاثين رجلا (1) من أهل بيته ومواليه وشيعته، حتى أوقفهم على باب الوليد بن عتبة ثم قال:
انظروا ما ذا أوصيتكم فلا تتعدوه وأنا أرجو أن أخرج إليكم سالما إن شاء الله.
قال: ثم دخل الحسين على الوليد بن عتبة فسلم عليه فرد عليه ردا حسنا ثم أدناه وقربه، قال: ومروان بن الحكم هناك جالس في مجلس الوليد، وقد كان بين مروان وبين الوليد منافرة ومفاوضة، فأقبل الحسين على الوليد فقال: أصلح الله الأمير! والصلاح خير من الفساد، والصلة خير من الخشناء والشحناء (2) وقد آن لكما أن تجتمعا، فالحمد لله الذي ألف بينكما، قال: فلم يجيباه في هذا بشيء. فقال الحسين: هل أتاكم من معاوية كائنة خبر فإنه كان عليلا وقد طالت علته، فكيف حاله الآن؟ قال: فتأوه الوليد وتنفس الصعداء وقال: أبا عبد الله! أجرك الله في معاوية فقد كان لك عم صدق وقد ذاق الموت، وهذا كتاب أمير المؤمنين يزيد.
فقال الحسين: إنا لله وإنا إليه راجعون، وعظم الله لك الأجر أيها الأمير، ولكن لماذا دعوتني؟ فقال: دعوتك للبيعة، فقد اجتمع عليه الناس. فقال الحسين: إن مثلي لا يعطي بيعته سرا (3)، وإنما أحب أن تكون البيعة علانية بحضرة الجماعة، ولكن إذا كان من الغد ودعوت الناس إلى البيعة دعوتنا معهم فيكون أمرنا واحدا (4):