بمروان بن الحكم قد عارضه في طريقه، فقال: أبا عبد الله! إني لك ناصح فأطعني ترشد وتسدد، فقال الحسين: وما ذلك قل حتى أسمع! فقال مروان: أقول إني آمرك ببيعة أمير المؤمنين يزيد فإنه خولك في دينك ودنياك، قال: فاسترجع الحسين وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد. ثم أقبل الحسين على مروان وقال: ويحك! أتأمرني ببيعة يزيد وهو رجل فاسق! لقد قلت شططا من القول يا عظيم الزلل! لا ألومك على قولك لأنك اللعين الذي لعنك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنت في صلب أبيك الحكم بن أبي العاص، فإن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن له ولا منه [إلا] أن يدعو إلى بيعة يزيد. ثم قال: إليك عني يا عدو الله! فإنا أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والحق فينا وبالحق تنطق ألسنتنا، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " الخلافة محرمة على آل أبي سفيان وعلى الطلقاء أبناء الطلقاء، فإذا رأيتم معاوية على منبري فافقروا بطنه " فو الله لقد رآه أهل المدينة على منبر جدي فلم يفعلوا ما أمروا به، قاتلهم الله بابنه يزيد! زاده الله في النار عذابا. قال: فغضب مروان بن الحكم من كلام الحسين ثم قال: والله! لا تفارقني أو تبايع ليزيد بن معاوية صاغرا، فإنكم آل أبي تراب قد ملئتم كلاما وأشربتم بغض (1) آل بني سفيان، وحق عليكم أن تبغضوهم وحق عليهم أن تبغضوهم.
قال: فقال له الحسين: ويلك يا مروان! إليك عني فإنك رجس وإنا أهل بيت الطهارة الذين أنزل الله عز وجل على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). (2) قال: فنكس مروان رأسه لا ينطق بشيء، فقال له الحسين: أبشر يا بن الزرقاء بكل ما تكره من الرسول عليه السلام يوم تقدم على ربك فيسألك جدي عن حقي وحق يزيد. قال: فمضى مروان مغضبا حتى دخل على الوليد بن عتبة فخبره بما سمع من الحسين بن علي.
قال: فعندها كتب الوليد (3) إلى يزيد بن معاوية يخبره بما كان من أهل المدينة