فقال له الوليد: أبا عبد الله! لقد قلت فأحسنت في القول وأحببت جواب مثلك وكذا ظني بك، فانصرف راشدا على بركة الله حتى تأتيني غدا مع الناس! فقال مروان بن الحكم: أيها الأمير! إنه إذا فارقك في هذه الساعة لم يبايع فإنك لن تقدر منه ولا تقدر على مثلها، فاحبسه عندك ولا تدعه يخرج أو يبايع وإلا فاضرب عنقه. قال:
فالتفت إليه الحسين وقال: ويلي عليك يا بن الزرقاء! أتأمر بضرب عنقي، كذبت والله (1)، والله لو رام ذلك أحد من الناس لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك، وإن شئت ذلك فرم ضرب عنقي إن كنت صادقا. قال: ثم أقبل الحسين على الوليد بن عتبة وقال: أيها الأمير! إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة وبنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب خمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق، مثلي لا يبايع لمثله، ولكن نصبح وتصبحون وننتظر وتنتظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة. قال: وسمع من بالباب الحسين فهموا بفتح الباب وإشهار السيوف، فخرج إليهم الحسين سريعا فأمرهم بالانصراف إلى منازلهم، وأقبل الحسين إلى منزله (2).
فقال مروان بن الحكم للوليد بن عتبة: عصيتني حتى انفلت الحسين من يدك، أما والله لا تقدر على مثلها أبدا، ووالله ليخرجن عليك وعلى أمير المؤمنين فاعلم ذلك، فقال له الوليد بن عتبة: ويحك! أشرت علي بقتل الحسين وفي قتله ذهاب ديني ودنياي، والله ما أحب أن أملك الدنيا بأسرها (3) وأني قتلت الحسين بن علي ابن فاطمة الزهراء، والله ما أظن أحدا يلقى الله بقتل الحسين إلا وهو خفيف الميزان عند الله [يوم القيامة] (4) لا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم. قال:
فسكت مروان (5).
وبعث الوليد إلى عبد الله بن الزبير فدعاه، فأرسل إليه ابن الزبير: أيها