مادت بنا الأرض أو كادت تميد بنا * كأنما العز من أركانها انقطعا (1) إنا نسير على جرد مسومة * يغشى العجاج بنا والنجم ما طلعا (2) لسنا نبالي إذا بلغن أرحلنا * ها مات منهن بالبيداء أو ظلعا حتى دفنا لخير الناس كلهم * وخيرهم منتمي جدا ومضطجعا أعز أبلج يستقى الغمام به * لو صارع الناس عن أحلامهم صرعا (3) من لا تزال له نفس على شرف * وشد مقدار تلك النفس أن تقعا لما انتهينا وباب الدار منصفق * وصوت رملة راع (4) القلب فانصدعا (5) أودى ابن هند فأودى المجد يتبعه * كانا يكونان دهرا قاطعين معا (6) قال: ثم ركب يزيد وسار إلى قبة لأبيه خضراء فدخلها وهو معتم بعمامة خز سوداء متقلدا بسيف أبيه معاوية حتى وصل إلى باب الدار، ثم جعل يسير والناس عن يمينه وشماله قد نزلوا عن دوابهم، وقد ضربت له القباب والقساطيط المدنجة، حتى صار إلى القبة الخضراء، فلما دخلها نظر فإذا قد نصبت له فيها فرش كثيرة بعضها على بعض ويزيد يحتاج أن يرقى عليها بالكراسي. قال: فصعد حتى جلس على تلك الفرش، والناس يدخلون عليه يهنئونه بالخلافة ويعزونه في أبيه، وجعل يزيد يقول: نحن أهل الحق وأنصار الدين، وأبشروا يا أهل الشام! فإن الخير لم يزل فيكم، وسيكون بيني وبين أهل العراق حرب شديد، وقد رأيت في منامي كأن نهرا يجري بيني وبينهم دما عبيطا وجعلت أجهد في منامي أن أجوز ذلك النهر، فلم أقدر على ذلك حتى جاءني عبيد الله بن زياد، فجازه بين يدي وأنا أنظر إليه. قال:
فأجابه أهل الشام وقالوا: يا أمير المؤمنين! امض بنا حيث شئت واقدم بنا على من