أحببت فنحن بين يديك، وسيوفنا تعرفها أهل العراق في يوم صفين. فقال لهم يزيد: أنتم لعمري كذلك، وقد كان أمير المؤمنين معاوية لكم كالأب البار بالولد، وكان من العرب أمجدها وأحمدها وأهمدها وأعظمها خطرا وأرفعها ذكرا وأنداها أنامل وأوسعها فواضل وأسماها إلى الفرع الباسق، لا يعتريه الفهاهة في بلاغته ولا تدخله اللكنة (1) في منطقه حتى إذا انقطع من الدنيا أثره وصار إلى رحمة الله تعالى ورضوانه. قال: فصاح به صائح من أقاصي الناس وقال (2): كذبت والله يا عدو الله! ما كان معاوية والله بهذه الصفة، وإنما كانت هذه صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه أخلاقه وأخلاق أهل بيته لا معاوية ولا أنت. قال: فاضطرب الناس، وطلب الرجل فلم يقدروا عليه، وسكت الناس (3). وقال إلى يزيد رجل من شيعته يقال له عطاء (4) بن أبي صيفي فقال: يا أمير المؤمنين! لا تلتفت إلى مقالة الأعداء وقد أعطيت خلافة الله من بعد أبيك فأنت خليفتنا، وابنك معاوية ولي العهد بعدك لا نريد به بدلا ولا نبغي عنه حولا والسلام. قال: ثم أنشأ يقول:
يزيد بن أبي سفيان هل لكم * إلى ثناء وود غير منصرم إنا نقول ويقضي (الله) معتذرا * مهما يشار بنا من صالح ندم فأفتديها بلكم خدها يزيد * وقال خذها بلا نكس ولا برم ولا تمهدها في دار غيركم * إني أخاف عليكم حسرة الندم إن الخلافة لم تعرف لناكثكم * بينا دعائهما فيكم ولم ترم ولا يزال وفود في دياركم * يغشون أبلج سباقا إلى الكرم قال: فأمر له يزيد بجائزة حسناء، ثم قام يزيد على قدميه.