ذمر ما كان بعد مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: فلما قتل الحسين رضي الله عنه استوسق العراقان جميعا لعبيد الله بن زياد وكانت الكوفة والبصرة لابن زياد من قبله، قال: وأوصله يزيد بألف ألف درهم جائزة، فدعا عبيد الله بن زياد بعمرو بن حريث (1) المخزومي فاستخلفه على الكوفة، ثم صار إلى البصرة فاشترى دار عبد الله بن عثمان الثقفي ودار سليمان بن علي الهاشمي التي صارت لسليمان بن علي بعد ذلك، فهدم هما جميعا، ثم بناهما وأنفق عليهما مالا جزيلا وسماهما الحمراء والبيضاء (2)، فكان يشتي في الحمراء ويصيف في البيضاء. قال: ثم علا أمره وارتفع قدره وانتشر ذكره، وبذل الأموال واصطنع الرجال، ومدحته الشعراء حتى قال فيه المليح بن الزبير الأسدي [هذه الأبيات:
إليك عبيد الله تهوي ركابنا * تسعف إخوان الفلاة وندأب وقد ضمرت حتى كأن عيونها * بقايا نطاق أو زكي منصب فقلت لها: لا تشتكي الأين إنه * أمامك قوم من أمية أغلب وكان زياد حل في رأس شامخ * أشم له ركن قوي ومنصب وأشبهه حزما وعزما ونائلا * وبعثا إذا الحرب العوان تلهب إذا ذكروا فضل امرئ ونواله * ففضل عبيد الله أنسى وأطيب]