الملك، كي لا يبيت تلك الليلة بلا امام، (كما) زعم، لأنه روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " من مات ولا امام له مات ميتة جاهلية "، وحتى بلغ من احتقار الحجاج له واسترذاله حاله، ان اخرج رجله من الفراش فقال: إصفق بيدك عليها، فذلك تمييزه بين الميزان والعود وهذا اختياره في الأئمة، وحال علي (عليه السلام) في ذكائه وفطنته وتوقد حسه، وصدق حدسه، معلومة مشهورة، فإذا جاز ان يصح اسلام ابن عمر، ويقال عنه إنه عرف تلك الأمور التي سردها الجاحظ ونسقها، وأظهر فصاحته وتشدقه فيها، فعلي بمعرفة ذلك أحق، وبصحة اسلامه أولى.
وان قال: لم يكن ابن عمر يعلم ويعرف ذلك، فقد أبطل اسلامه، وطعن في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث حكم بصحة اسلامه واجازه يوم الخندق، لأنه (عليه السلام) كان قال:
لا أجيز الا البالغ العاقل، ولذلك لم يجزه يوم أحد.
ثم يقال له: ان ما نقوله في بلوغ علي (عليه السلام) الحد الذي يحسن فيه التكليف العقلي بل يجب - وهو ابن عشر سنين - ليس بأعجب من مجئ الولد لستة أشهر، وقد صحح ذلك أهل العلم، واستنبطوه من الكتاب، وان كان خارجا من التعارف والتجارب والعادة. وكذلك مجئ الولد لسنتين خارج أيضا عن التعارف والعادة، وقد صححه الفقهاء والناس.
ويروى ان معاذا لما نهى عمر عن رجم الحامل تركها حتى ولدت غلاما قد نبتت ثنيتاه، فقال أبوه: ابني ورب الكعبة! فثبت ذلك سنة يعمل بها الفقهاء، وقد وجدنا العادة تقضي بأن الجارية تحيض لاثنتي عشرة سنة، وانه أقل سن تحيض فيه المرأة، وقد يكون في الأقل نساء يحضن لعشر ولتسع، وقد ذكر ذلك الفقهاء، وقد قال الشافعي في اللعان: لو جاءت المرأة بحمل وزوجها صبي له دون عشر سنين لم يكن ولدا له، لأن من لم يبلغ عشر سنين من الصبيان لا يولد له، وان كان له عشر سنين جاز ان يكون الولد له، وكان بينهما لعان إذا لم يقر به.