إليه، ففضل أبي بكر بمقامه في العريش مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر أعظم من جهاد علي (عليه السلام) ذلك اليوم، وقتله ابطال قريش.
قال شيخنا أبو جعفر (رحمه الله): لقد أعطى أبو عثمان مقولا وحرم معقولا، ان كان يقول هذا على اعتقاد وجد، ولم يذهب به مذهب اللعب والهزل، أو على طريق التفاصح، والتشادق واظهار القوة والسلاطة وذلاقة اللسان وحدة الخاطر والقوة على جدال الخصوم، الم يعلم أبو عثمان ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان اشجع البشر، وانه خاض الحروب، وثبت في المواقف التي طاشت فيها الألباب، وبلغت القلوب الحناجر، فمنها يوم أحد ووقوفه بعد أن فر المسلمون بأجمعهم ولم يبق معه إلا أربعة، علي والزبير وطلحة، وأبو دجانة، فقاتل ورمى بالنبل حتى فنيت نبله، وانكسرت سية قوسه، وانقطع وتره، فأمر عكاشة بن محصن ان يوترها، فقال: يا رسول الله! لا يبلغ الوتر فقال: أوتر ما بلغ. قال عكاشة فوالذي بعثه بالحق لقد أوترت حتى بلغ وطويت منه شبرا على سية القوس، ثم اخذها فما زال يرميهم حتى نظرت إلى قوسه قد تحطمت. وبارز أبي بن خلف، فقال له أصحابه: إن شئت عطف عليه بعضنا! فأبى، وتناول الحربة من الحارث بن الصمة ثم انتفض بأصحابه، كما ينتفض البعير، قالوا: فتطايرنا عنه تطاير الشعارير (1) فطعنه بالحربة، فجعل يخور كما يخور الثور، ولو لم يدل على ثباته حين انهزم أصحابه وتركوه إلا قوله تعالى: (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم) (2) فكونه (عليه السلام) في اخراهم وهم يصعدون ولا يلوون، هاربين، دليل على أنه ثبت ولم يفر، وثبت يوم حنين في تسعة من اهله ورهطه الأدنين وقد فر المسلمون كلهم والنفر التسعة محدقون به: العباس آخذ بحكمة بغلته، وعلي بين يديه مصلت سيفه