قال شيخنا أبو جعفر (رحمه الله): هذا فرق غير مؤثر، لأنه قد ثبت بالتواتر حديث الفراش، فلا فرق بينه وبين ما ذكر في نص الكتاب، ولا يجحده إلا مجنون أو غير مخالط لأهل الملة، أرأيت كون الصلوات خمسا، وكون زكاة الذهب ربع العشر، وكون خروج الريح ناقضا للطهارة، وأمثال ذلك مما هو معلوم بالتواتر حكمه؟ هل هو مخالف لما نص في الكتاب عليه من الاحكام! هذا مما لا يقوله رشيد ولا عاقل، على أن الله تعالى لم يذكر اسم أبي بكر في الكتاب، وانما قال: (إذ يقول لصاحبه) (1)، وانما علمنا أنه أبو بكر بالخبر وما ورد في السيرة، وقد قال أهل التفسير: ان قوله تعالى: (ويمكر الله والله خير الماكرين) (2) كناية عن علي (عليه السلام)، لأنه مكر بهم، وأول الآية: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) أنزلت في ليلة الهجرة ومكرهم كان توزيع السيوف على بطون قريش، ومكر الله تعالى هو منام علي (عليه السلام) على الفراش، فلا فرق بين الموقفين في أنهما مذكوران كناية لا تصريحا. وقد روى المفسرون كلهم ان قول الله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) (3)، أنزلت في علي (عليه السلام) ليلة المبيت على الفراش، فهذه مثل قوله تعالى: (إذ يقول لصاحبه)، لا فرق بينهما.
قال الجاحظ: وفرق آخر، وهو انه لو كان مبيت علي (عليه السلام) على الفراش، جاء مجئ كون أبي بكر في الغار لم يكن له في ذلك كبير طاعة، لان الناقلين نقلوا انه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: " نم، فلن يخلص إليك شئ تكرهه " ولم ينقل ناقل أنه قال لأبي بكر في صحبته إياه وكونه معه في الغار مثل ذلك، ولا قال له: أنفق وأعتق، فإنك لن تفتقر ولن يصل إليك مكروه (4).