حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو.
وفي لفظ معمر، عن الزهري: فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، التي تسمع اللهو.
ولفظ الأوزاعي عن الزهري في هذا الحديث قالت: قدم وفد الحبشة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاموا يلعبون في المسجد، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، وأنا أنظر إليهم حتى أكون أنا التي أسأم.
" أخرجه البخاري في المساجد، باب أصحاب الحراب في المسجد، وفي العيدين، باب الحراب والدرق يوم العيد، وفي النكاح، باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة، ومسلم، وأحمد والنسائي في العيدين، باب اللعب في المسجد يوم العيد، ونظر النساء لذلك، والحميدي في (مسنده)، والطحاوي في (مشكل الآثار)، وأخرج النسائي في (عشرة النساء) من حديث يونس بن عبد الأعلى، بسنده عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل الحبش يلعبون، قال لي: يا حميراء، أتحبين أن تنظري إليهم؟ فقلت: نعم، فقام بالباب وجئته، فوضعت ذقني على عاتقه، فأسندت وجهي إلى خده، قالت: ومن قولهم يومئذ: أبا القاسم طيبا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبك قلت:
يا رسول الله لا تعجل، فقام لي ثم قال: حسبك، فقلت: لا تعجل يا رسول الله، قالت: وما بي حب النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي، ومكاني منه. إسناده صحيح كما قال الحافظ في (الفتح).
يحيى بن يمان، عن الثوري، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الله بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وأعرس بي في شوال، فأي نسائه كان أحظى عنده مني.
" وكانت العرب تستحب لنسائها أن يدخلن على أزواجهن في شوال، أخرجه مسلم في النكاح، باب استحباب التزوج والتزويج في شوال، واستحباب الدخول فيه، والدارمي في النكاح، باب بناء الرجل بأهله في شوال، وأحمد في (المسند)، وابن سعد في (الطبقات)، وابن ماجة في النكاح، باب متى يستحب البناء بالنساء، والنسائي في النكاح، باب التزويج في شوال، من طرق عن سفيان بن عيينة، وفيه عندهم: وكانت عائشة رضي الله عنها تستحب أن تدخل نساءها في شوال.
وقالت عائشة رضي الله عنها ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها. " أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل خديجة رضي الله عنها.
قال الحافظ الذهبي في (سير الأعلام): وهذا من أعجب شئ! أن تغار رضي الله عنها من امرأة عجوز توفيت قبل تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة بمديدة، ثم يحميها الله تعالى من الغيرة من عدة نسوة يشاركنها في النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا من ألطاف الله بها وبالنبي صلى الله عليه وسلم، لئلا يتكدر عيشهما، ولعله إنما خفف أمر الغيرة عليها حب النبي صلى الله عليه وسلم لها، وميله إليها. فرضي الله تعالى عنها وأرضاها.
معمر عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: دخلت امرأة سوداء على النبي صلى الله عليه وسلم. فأقبل عليها، قالت: فقلت يا رسول الله! أقبلت على هذه السوداء هذا الاقبال؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنها كانت تدخل على خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان " رجاله ثقات، وأخرج الحاكم نحوه في (المستدرك) من طريق صالح بن رستم، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قالت: أنا جثامة المزينية، فقال: بل أنت حسانة المزينية، كيف أنتم كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟ قالت: بخير، بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فلما خرجت قلت: يا رسول الله! تقبل على هذه العجوز هذا الاقبال؟ قال: إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان. صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في (التلخيص).
وأخرج البخاري في النكاح، باب غيرة النساء ووجدهن، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل عائشة.. لأبي أسامة، عن هشام بلفظ: إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى، قالت: وكيف يا رسول الله؟ قال: إذا كنت عني راضية، قلت: لا ورب محمد، وإذا كنت علي غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم، قلت أجل والله، ما أهجر إلا اسمك.
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سابقني النبي صلى الله عليه وسلم، فسبقته ما شاء، حتى إذا رهقني اللحم، سابقني، فسبقني، فقال: يا عائشة، هذه بتلك. " إسناده صحيح، وهو في المسند، وأخرجه الحميدي في (مسنده)، وأبو داود في الجهاد: باب السبق على الرجل، وابن ماجة والنسائي في عشرة النساء ".
قال الإمام أحمد في (المسند): حدثنا يحيى القطان، عن إسماعيل: حدثنا قيس، قال: لما أقبلت عائشة، فلما بلغت مياه بني عامر ليلا، نبحت الكلاب، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا أنني راجعة. قال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون، فيصلح الله ذات بينهم، قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب.
" إسناده صحيح كما قال الذهبي وصححه ابن حبان، والحاكم، وأخرجه أحمد في (المسند)، وقال الحافظ ابن كثير في (البداية). وهذا إسناد على شرط الصحيحين ولم يخرجوه، بعد أن ذكره من طريق الإمام أحمد. والحوأب: من مياه العرب على طريق البصرة، قاله أبو الفتح نصر بن عبد الرحمن