أما بعد، فإن الله عز وجل حفظ محمدا فيمن لزم عهده، وقام على أمره، وكفاهم فقده، وأحسن عليهم الخلافة من بعده، فكنا فيمن حفظ منه، ومنا كمن كان معه نبيه (صلى الله عليه وسلم) فيمن قبلنا، وانتهينا إلى البحر فتوكلنا على الله فركبناه، فمهد لنا أثباجه، وأرانا آياته، فعبرنا إلى عدونا بدارين، فلم ندع مقاتلا إلا قتلناه، وسبينا الذراري والنساء، وقسمنا ذلك على المسلمين، فبلغ سهم الفارس ستة آلاف والراجل ألفين، سوى ما نفلت من الأخماس أهل البلاد، وبعث إليه بالخمس.
قال كاتبه: تأمل كتاب العلاء بن الحضرمي إلى أبي بكر رضي الله عنهما تجده قد عد عبورهم إلى البحر معجزة، وعلما من أعلام نبوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتصديقه ما وعده من إظهاره وإظهار شريعته (1).
وخرج من حديث أبي العباس السراج، حدثنا الفضل بن سهل وهارون بن عبد الله قالا: حدثنا أبو النضر، حدثنا سليمان بن المغيرة أن أبا مسلم الخولاني رحمه الله، جاء إلى الدجلة وهي ترمي الخشب من مدها، فمشى على الماء والتفت إلى أصحابه وقال: هل تفقدون من متاعكم شيئا فندعو الله؟ قال البيهقي: هذا إسناد صحيح (1).