مثل حالكم ونادى المنادي بصلاة الصبح حين طلع الفجر، [فصلى] (1) بنا - ومنا المتيممون (2) ومنا من لم يزل على طهوره - فلما قضى صلاته جثا لركبتيه وجثا الناس، فنصب في الدعاء (3)، ونصبوا معه، فلمع [لهم] (1) سراب [مع] (4) الشمس، فالتفت إلى الصف فقال: رائد ينظر ما هذا؟ ففعل ثم رجع [فقال سراب] (5) فأقبل على الدعاء، ثم لمع لهم آخر فكذلك، ثم لمع لهم آخر، فقال: ماء، فقام وقام الناس، فمشينا إليه حتى نزلنا عليه، فشربنا واغتسلنا، فما تعالى النهار حتى أقبلت الإبل تكرد (6) من كل وجه، فأناخت إلينا، فقام رجل إلى ظهره [فأخذه] (7)، فما فقدنا سلكا (8) فأرويناها وأسقيناها العلل بعد النهل، وتروينا ثم تروحنا.
وكان أبو هريرة رضي الله عنه رفيقي، فلما غبنا عن ذلك المكان قال لي:
كيف علمك بموضع ذلك الماء؟ فقلت: أنا من أهدى العرب بهذه البلاد، قال: فكر معي حتى يقيمني عليه، قال فكررت به، فأتيت [به] (7) على ذلك المكان [بعينه، فإذا هو لا غدير به، ولا أثر للماء، فقلت له] (9): والله لولا الغدير لأخبرتك أن هذا هو المكان، وما رأيت بهذا المكان ماءا ناقعا قبل اليوم، وإذا إداوة مملوءة، فقال: يا أبا سهم! هذا والله [ذلك] (10) المكان، ولهذا رجعت ورجعت بك، ملأت إداوتي ثم وضعتها على شفيره، فقلت: إن كان منا من المن وكانت آية عرفتها، وإن كان غياثا عرفته، فإذا من من المن فحمد الله ثم سرنا حتى ننزل هجر، فذكر سيف الخبر إلى أن قال: وندب الناس إلى