أبرهة من اليمن بذي نفر ونفيل بن حبيب فعدلا به إلى الطائف وقالا: لو أتينا مكة هؤلاء وراء ظهورنا فخشينا أن نؤتي من خلفك، فأردنا أن تبدأ بهم حتى لا يكون من ورائك أحد، فصدقهما ثم انصرف عن الطائف.
قال الواقدي: وأقبل أبرهة حتى إذا كان عن يسار عرفة، ودنا من الحرم عسكر هناك، وكان أبرهة قد بعث على مقدمته رجلا من الحبشة يقال له: الأسود (1)، على خيل يحشر عليه أموال أهل مكة فدخل الحرم فجمع سوائم ترعى في الحرم فضمها إليه، فأصاب لعبد المطلب مائتي بعير ثم انصرف إلى معسكره فأخبره الخبر، وأنه لم يصده أحد عن أخذها.
فبعث أبرهة حناطة الحميري فقال: سل عن أشرف أهلها فأخبره بأني لم آت لقتال أحد، إنما جئت لهدم هذا البيت لما نذرت وأوحيت على نفسي لما صنعت العرب بكنيستي ثم أنصرف، فإن صددتمونا عنه قاتلناكم، وإن تركتمونا هدمناه وأنصرف عنكم.
فقال عبد المطلب: ما عندنا له قتال، وما لنا به طاقة ولا يدان، وسنخلي بينه وبين ما يريد فإن لهذا البيت ربا مانعه.
قال له حناطة: انطلق معي إليه، فركب عبد المطلب على فرس وركب معه ابنه الحرث، فلما دخل عسكره جاء حناطة إلى أبرهة فأخبره بما قال عبد المطلب، وأنه دخل عسكره، فقال له أبرهة: أخبرني عن بيتهم، أي شئ بناؤه؟ قال:
حجارة منضودة، فعجب أبرهة من ذلك.
وكان عبد المطلب حين دخل العسكر سأل عن ذي نفر الحميري - وكان له صديقا - فدخل عليه فقال: هل عندك من غنى؟ قال فيماذا؟ قال: في إبلي التي أخذت، قال: وما عندي من الغنى وأنا أسير في يد رجل عجمي لا أدري