عزيزها، ونحر سمينها، وأطعم القانع والمعتر، فقلت: يا رسول الله! ما أكرم هذه الأخلاق وأحسنها، ثم قال: يا قيس، أمالك أحب إليك أم مولاك؟ قال: قلت: بل مالي، قال: فإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت، وما بقي فلوارثك، قلت: والله يا نبي الله، لئن بقيت لأدعن عددها قليلا.
قال الحسن: ففعل رحمه الله. قال أبو نعيم: رواه زناد الجصاص عن الحسن مثله.
وخرج أبو نعيم بمن حديث السدي، عن أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قدم (1) ملوك حضر موت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنو وليعة حمد ومخوس ومشرح وإبضعه، وأختهم العمردة، وفيهم الأشعث بن قيس - وهو أصغرهم - فقالوا: أبيت اللعن (2)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لست ملكا، أنا محمد بن عبد الله، قالوا: لا نسميك باسمك، قال: لكن الله سماني، وأنا أبو [القاسم] (3)، قالوا: يا أبا القاسم، إنا قد خبأنا لك خبئا (4) فما هو؟ - وكانوا قد خبئوا [لرسول الله] (5) عين جرادة في حميت (6) سمن - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! إنما يفعل ذلك بالكاهن (7)، وإن الكاهن والكهانة والتكهن في النار، فقالوا:
كيف نعلم أنك رسول الله؟ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفا من حصباء فقال: هذا يشهد أني رسول الله، فسبح الحصباء في يده وقالوا: نشهد أنك رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله بعثني بالحق، وأنزل علي كتابا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أثقل في الميزان من الجبل العظيم، وفي الليلة الظلماء في مثل نور الشهاب.