إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٤ - الصفحة ٣٥٥
عزيزها، ونحر سمينها، وأطعم القانع والمعتر، فقلت: يا رسول الله! ما أكرم هذه الأخلاق وأحسنها، ثم قال: يا قيس، أمالك أحب إليك أم مولاك؟ قال: قلت: بل مالي، قال: فإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت، وما بقي فلوارثك، قلت: والله يا نبي الله، لئن بقيت لأدعن عددها قليلا.
قال الحسن: ففعل رحمه الله. قال أبو نعيم: رواه زناد الجصاص عن الحسن مثله.
وخرج أبو نعيم بمن حديث السدي، عن أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قدم (1) ملوك حضر موت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنو وليعة حمد ومخوس ومشرح وإبضعه، وأختهم العمردة، وفيهم الأشعث بن قيس - وهو أصغرهم - فقالوا: أبيت اللعن (2)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لست ملكا، أنا محمد بن عبد الله، قالوا: لا نسميك باسمك، قال: لكن الله سماني، وأنا أبو [القاسم] (3)، قالوا: يا أبا القاسم، إنا قد خبأنا لك خبئا (4) فما هو؟ - وكانوا قد خبئوا [لرسول الله] (5) عين جرادة في حميت (6) سمن - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! إنما يفعل ذلك بالكاهن (7)، وإن الكاهن والكهانة والتكهن في النار، فقالوا:
كيف نعلم أنك رسول الله؟ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفا من حصباء فقال: هذا يشهد أني رسول الله، فسبح الحصباء في يده وقالوا: نشهد أنك رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله بعثني بالحق، وأنزل علي كتابا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أثقل في الميزان من الجبل العظيم، وفي الليلة الظلماء في مثل نور الشهاب.

(1) في (دلائل أبي نعيم): (وفد).
(2) أبيت اللعن: يدخل به على الملوك. قال النابغة الذبياني:
أتاني أبيت اللعن أنك لمتني * * * وتلك التي أهتم منها وأنصب (3) زيادة للسياق من (أبي نعيم).
(4) في (خ): (خبيئا)، وما أثبتناه من المرجع السابق، وبها جاء التنزيل، قال تعالى: (ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخب ء في السماوات والأرض) [النمل: 25].
(5) زيادة للسياق من (أبي نعيم).
(6) الحميت: إناء للسمن أو الزيت.
(7) في المرجع السابق: (إنما يفعل ذلك الكهان).
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»
الفهرست