إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٤ - الصفحة ٣١٢
وقال أحمد بن جبير: حدثنا حجاج بن محمد، قلت لحمزة، قرأت على الأعمش؟ قال: لا، ولكني سألته عن هذه الحروف حرفا حرفا. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثني عدة من أهل العلم، عن حمزة أنه قرأ على حمران، وكانت هذه الحروف التي يرويها حمزة عن الأعمش، إنما أخذها [من] (1) الأعمش أخذا، ولم يبلغنا أنه قرأ عليه القرآن من أول النهار إلى آخره. وقال يوسف بن موسى: قلت لجرير بن عبد الحميد: كيف أخذتم هذه الحروف عن الأعمش؟
قال: كان إذا جاء شهر رمضان، جاء أبو حيان التميمي، وحمزة الزيات، مع كل واحد منهما مصحف، فيمسكان على الأعمش، ويقرأ فيسمعون قراءته، فأخذنا الحروف من قراءته. توفي حمزة آخر سنة ست وخمسين ومائة على الصحيح، فرأى أعرابي كثرة الناس على جنازته فقال: ما رأيت أرفع لخسيس من عمل صالح.
وأما علي بن حمزة بن عبد الله بن مهران بن فيروز الكسائي (2)، أبو الحسن الأسدي مولاهم، أحد الأعلام، فإنه قرأ القرآن وجوده على حمزة الزيات، وعيسى ابن عمر الهمذاني، وقرأ على محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، واختار لنفسه قراءة، ورحل إلى البصرة، وأخذ العربية عن الخليل بن أحمد، وأخذ الحروف أيضا عن أبي بكر بن عياش وغيره، وقرأ عليه أبو عمرو الدوري، وأبو الحرث الليثي، ونصير ابن يوسف الرازي، وقتيبة بن مهران الأصبهاني، وأبو عبيدة القاسم بن سلام، وخلائق، وانتهت إليه الإمامة في القراءة والعربية، وكان يتخير القراءات، وأخذ من قراءة حمزة وترك. ومات في سنة تسع وثمانين ومائة.
فهؤلاء الأئمة القراء السبعة (3)، هم الذين اشتهرت بالآفاق قراءتهم، واعتمد

(١) زيادة للسياق.
(٢) له ترجمة في: (التاريخ الكبير): ٦ / ٢٦٨، (التاريخ الصغير): ٢ / ٢٤٧، (المعارف): ٥٤٥، (الجر والتعديل): ٦ / ١٨٢، (تاريخ بغداد): ١١ / ٤٠٣، (وفيات الأعيان): ٣ / ٣٩٩٥، (مرآة الجنان): ١ / ٤٢١، (تهذيب التهذيب): ٧ / ٢٧٥ (شذرات الذهب): ١ / ٣٢١، (سراج القارئ المبتدي): ١٢، (معجم مصنفي الكتب العربية): ٣٤٥، (سير أعلام النبلاء): ٩ / ١٣١ - ١٣٤، ترجمة رقم (٤٤).
(٣) جمعهم الإمام العالم أبو محمد قاسم بن فيرة بن أبي القاسم، خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي، في قصيدته اللامية المنظومة من الضرب الثاني من بحر الطويل، المسماة (حرز الأماني ووجه التهاني)، المشهورة (بمتن الشاطبية)، وهي أسهل ما يتوصل به إلى علم القراءات من التصانيف والمنظومات، وعدة أبياتها كما يقول ناظمها:
وقد وفق الله الكريم بمنه * لإكمالها حسناء ميمونة الجلا وأبياتها ألف تزيد ثلاثة * ومع مائة سبعين زهرا وكملا يقول رحمه الله عن القراء السبعة:
جزى الله بالخيرات عنا أئمة * لنا نقلوا القرآن عذبا وسلسلا فمنهم بدور سبعة قد توسطت * سماء العلا والعدل زهرا وكملا لها شهب عنها استنارت فنورت * سواد الدجى حتى تفرق وانجلى وسوف تراهم واحدا بعد واحد * مع اثنين من أصحابه متمثلا تخيرهم نقادهم كل بارع * وليس على قرآنه متأكلا فأما الكريم السر في الطيب نافع * فذاك الذي اختار المدينة منزلا وقالون عيسى ثم عثمان ورشهم * بصحبته المجد الرفيع تأثلا ومكة عبد الله فيها مقامه * هو ابن كثير كاثر القوم معتلا وروى أحمد البزي له ومحمد * على سند وهو الملقب قنبلا وأما الإمام المازني صريحهم * أبو عمرو البصري فوالده العلا أفاض على يحيي اليزيدي سيبه * فأصبح بالعذب الفرات معللا أبو عمر الدوري وصالحهم أبو * شعيب هو السوسي عنه تقبلا وأما دمشق الشام دار ابن عامر * فتلك بعبد الله طابت محللا هشام وعبد الله وهو انتسابه * لذكوان بالإسناد عنه تنقلا وبالكوفة الغراء منهم ثلاثة * أذاعوا فقد ضاعت شذا وقرنفلا فأما أبو بكر وعاصم اسمه * فشعبة راويه المبرز أفضلا وذاك ابن عياش أبو بكر الرضا * وحفص وبالإتقان كان مفضلا وحمزة ما أزكاه من متورع * إماما صبورا للقرآن مرتلا روى خلف عنه وخلاد الذي * رواه سليم متقنا ومحصلا وأما علي فالكسائي نعته * لما كان في الإحرام فيه تسربلا روى ليثهم عنه أبو الحارث الرضا * وحفص هو الدوري وفي الذكر قد خلا أبو عمرهم واليحصبي ابن عامر * صريح وباقيهم أحاط به الولا لهم طرق يهدي بها كل طارق * ولا طارق يخشى بها متمحلا ومتن الشاطبية هذا وله شروح كثيرة، أحسنها الشرح المعروف باسم (سراج القارئ المبتدئ، وتذكار المقرئ المنتهي) للإمام أبي القاسم علي بن عثمان بن محمد بن أحمد بن الحسن، القاصح، العذري، البغدادي، من علماء القرن الثامن الهجري، وقد أشرف على طبعه ومراجعته فضيلة الشيخ علي محمد الضباع شيخ المقارئ المصرية الأسبق.
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ومن حديث محمد بن كعب القرظي 3
2 فصل في ذكر ما كان من أعلام نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ حملت به أمه آمنة بنت وهب إلى أن بعثه الله برسالته 34
3 إخبار الحبر لعبد المطلب بأن في إحدى يديه ملكا وفي الأخرى نبوة وأن ذلك في بني زهرة 36
4 وأما رؤية النور بين عيني عبد الله بن عبد المطلب 38
5 وأما إخبار آمنة بأنها قد حملت بخير البرية وسيد هذه الأمة 45
6 وأما دنو النجوم منها عند ولادته وخروج النور منها 52
7 وأما ولادته مختونا مسرورا 57
8 وأما استبشار الملائكة وتطاول الجبال وارتفاع البحار وتنكيس الأصنام وحجب الكهان 58
9 وأما ارتجاس إيوان كسرى وسقوط شرفاته وخمود نار فارس ورؤيا الموبذان 60
10 وأما صرف أصحاب الفيل عن مكة المكرمة 63
11 وكان مولده صلى الله عليه وسلم عام الفيل 66
12 وأما الآيات التي ظهرت في مدة رضاعته صلى الله عليه وسلم 84
13 وأما معرفة اليهود له صلى الله عليه وسلم وهو غلام مع أمه بالمدينة، واعترافهم إذ ذاك بنبوته صلى الله عليه وسلم 93
14 وأما توسم جده فيه السيادة لما كان يشاهد منه في صباه من مخايل الرباء 95
15 وأما إلحاق القافة قدمه بقدم إبراهيم عليه السلام وتحدث يهود بخروج نبي من ضئضيء عبد المطلب 97
16 وأما رؤية عمه أبي طالب منذ كفله ومعرفته بنبوته 99
17 وأما تظليل الغمام له في صغره واعتراف بحيرى ونسطورا بنبوته 102
18 فصل في رعاية رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنم قبل النبوة 103
19 فصل في ذكر اشتهار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته بالرسالة من الله تعالى إلى العباد 106
20 فصل في ذكر عصمة الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم من الجن والإنس والهوام 111
21 فصل في ذكر حراسة السماء من استراق الشياطين السمع عند بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالات الله تعالى لعباده 132
22 فصل في ذكر بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم 136
23 فأما شبهة منكري التكليف 137
24 وأما شبهة البراهمة 137
25 وأما شبهة منكري كون الشرائع من عند الله 138
26 وأما شبهة اليهود 138
27 وأما بعثة الرسول هل هي جائزة أو واجبة؟ 139
28 وأما الأدلة على صحة دين الإسلام وصدق نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم 140
29 الحجة الثانية 142
30 الحجة الثالثة 143
31 الحجة الرابعة 144
32 الحجة الخامسة 145
33 الحجة السادسة 146
34 الحجة السابعة 147
35 الحجة الثامنة 148
36 الحجة التاسعة 149
37 الحجة العاشرة 150
38 وأما تقرير نسخ الملة المحمدية لسائر الملل 151
39 وأما التوراة التي هي الآن بأيدي اليهود ليست التوراة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام 161
40 فلحقها ثلاثة أمور 164
41 ومنها أن الله تجلى لموسى في سيناء 166
42 وهذه نبذة من مقتضيات غضب الله تعالى عليهم 168
43 بحث تاريخي عن الأناجيل التي بين يدي النصارى 171
44 المعجزة في رأي المتكلمين 176
45 الآية 179
46 تنبيه وإرشاد لأهل التوفيق والرشاد 182
47 فصل في ذكر موازاة الأنبياء في فضائلهم بفضائل نبينا صلى الله عليه وسلم ومقابلة ما أتوا من الآيات بما أوتي عليه السلام 183
48 وأما إبراهيم عليه السلام 187
49 وأما هود عليه السلام 192
50 وأما صالح عليه السلام 193
51 وأما إدريس عليه السلام 194
52 وأما يعقوب عليه السلام 195
53 وأما ذرية يعقوب عليه السلام الذين هم بنو إسرائيل 197
54 وأما يوسف عليه السلام 198
55 وأما موسى عليه السلام 200
56 وأما ضرب موسى البحر بعصاه وجازه بأصحابه 202
57 وأما هارون عليه السلام 206
58 وأما داود عليه السلام 207
59 وأما سليمان عليه السلام 209
60 وأما يحيى بن زكريا عليهما السلام 212
61 وأما عيسى عليه السلام 214
62 أما القرآن الكريم 225
63 أما إعجاز القرآن الكريم 228
64 وأما كيفية نزوله والمدة التي أنزل فيها 237
65 وأما جمع القرآن الكريم فقد وقع ثلاث مرات 239
66 وأما الأحرف التي أنزل عليها القرآن 249
67 الناسخ والمنسوخ 282
68 القراءات التي يقرأ بها القرآن 287
69 التابعون بالمدينة المنورة من القراء 293
70 التابعون بمكة المشرفة من القراء 297
71 التابعون بالبصرة من القراء 300
72 التابعون بالشام من القراء 303
73 التابعون بالكوفة من القراء 305
74 القراءات المشهورة 315
75 تحريم الصلاة بالقراءة الشاذة 318
76 ترتيب نزول القرآن بمكة 332
77 ترتيب نزول القرآن بالمدينة 334
78 تتمة مفيدة 336
79 فصل في ذكر أخذ القرآن ورؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقلوب حتى دخل كثير من العقلاء في الإسلام في أول ملاقاتهم له 341
80 إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي 357
81 الهجرة الأولى إلى الحبشة 363
82 إسلام أبي ذر 370
83 ذكر إسلام عمر بن عبسة السلمي وما أخبره أهل الكتاب من بعث النبي صلى الله عليه وسلم 378
84 تنبيه مفيد 381
85 فصل جامع في معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الإجمال 390