وقال أبو عمر البزار حفص بن سليمان بن المغيرة، عن عاصم بن أبي النجود، وعطاء بن السائب، ومحمد بن أيوب الثقفي، وابن أبي ليلى، عن عبد الرحمن السلمي أنه قال: كانت قراءة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وزيد بن ثابت، والمهاجرين، والأنصار رضي الله عنهم جميعا واحدة. وأبو موسى الأشعري رضي الله عنه حفظ القرآن والعلم، قرأ عليه أبو رجاء العطاردي، وحطان الرقاش.
قال مسلم بن إبراهيم: حدثنا قرة عن أبي رجاء قال: كان أبو موسى يطوف علينا في هذا المسجد - مسجد البصرة - فيقعدنا خلفا فيقرئنا القرآن، فكأني أنظر إليه بين ثوبين له أبيضين، وعنه أخذت هذه السورة: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) (1)، وكانت أول سورة أنزلها الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم.
وأبو الدرداء رضي الله عنه قرأ القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال أن عبد الله بن عامر قرأ عليه. قال سويد بن عبد العزيز: كان أبو الدرداء إذا صلى الغداة في جامع دمشق، اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة، وعلى كل عشرة عريفا، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفهم، فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء فيسأله عن ذلك، وكان ابن عامر عريفا على عشرة، فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر.
وعن مسلم بن مشكم قال: قال لي أبو الدرداء: أعدد من يقرأ عندي القرآن، فعددتهم ألفا وستمائة ونيفا، وكان لكل عشرة منهم مقرئ وكان أبو الدرداء يطوف عليهم قائما، وإذا أحكم الرجل منهم تحول إلى أبي الدرداء، فهؤلاء الذين روى الحفاظ أنهم حفظوا القرآن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عنهم القرآن عرضا، وعليهم دارت أسانيد قراءة الأئمة العشرة.
وقد جمع القرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير من سمينا، وهم: معاذ بن جبل، وأبو زيد، وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن عمر، وعقبة بن عامر، ولكن لم يتصل بنا قراءتهم.
وقال ابن الكلبي: وقيس بن سكن بن قيس بن زيد بن حزام، [يكنى] أبا زيد، وقتل يوم [جسر أبي عبيد] (2)، وهو أحد القراء الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.