والوجه الثالث: أن ينسخ حكمه ويبقى خطه يتلى في المصحف، وهذا كثير نحو قوله تعالى: ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج﴾ (١) الآية، نسختها: ﴿يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا﴾ (٢) الآية، وهذا من الناسخ والمنسوخ [المجمع] عليه، ومن هذا الباب: آية الوصية للأقارب، وآية التخفيف في القتال، وهو نسخ الثبات لعشرة بالثبات لاثنين، وهو نسخ الأثقل إلى الأخف وعكسه: نسخ الأخف إلى الأثقل، كنسخ صوم يوم عاشوراء بصوم رمضان، وقد ينسخ الشئ لا إلى بدل، كصدقة النجوى (٣)، والصلاة إلى بيت المقدس لم تكن في القرآن، وإنما كانت في السنة.
ومنه أيضا: آية الممتحنة، وهي قوله تعالى: ﴿ولا ترجعوهن إلى الكفار﴾ (٤)، فإن رجوعهن إنما كان بصلح النبي صلى الله عليه وسلم لقريش، وقد أبت طائفة أن يكون شئ من القرآن إلا ما بين الوحي مصحف عثمان رضي الله عنه، واحتجوا بقوله تعالى:: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ (5)، وأجمع العلماء أن ما في مصحف عثمان بن عفان، وهو الذي بأيدي المسلمين اليوم في أقطار الأرض حيث كانوا، هو القرآن المحفوظ الذي لا يجوز لأحد أن يتجاوزه، ولا تحل الصلاة لمسلم إلا بما فيه. قالوا: قوله في حديث عائشة: والصلاة الوسطى وصلاة العصر، ليس في شئ من معنى الناسخ والمنسوخ (6)، وإنما هو من معنى السبعة الأحرف التي أنزل الله القرآن عليها، نحو قراءة عمر، وابن مسعود: فامضوا إلى ذكر الله، وقراءة ابن مسعود: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، وقراءة أبي وابن عباس:
وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين (7)، وقراءة ابن مسعود وابن عباس: