لم تكن لأن المنكر سمع ما ليس فيه لغته فأنكره، وإنما كانت لأنه سمع خلاف ما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم، وعساه قرأ قراءة ما ليس من لغته واستعمال قبيلته.
فقال القاضي رحمه الله: إنما أبطل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد في قوله: على سبعة أحرف بعدد اللغات التي تختلف بجملتها، وأن تكون سبعا متباينة لسبع قبائل، تقرأ كل قبيلة القرآن كله بحرفها، ولا تدخل عليها لغة غيرها، بل قصد النبي صلى الله عليه وسلم، عنده عد الوجوه والطرائق المختلفة في كتاب الله، مرة من جهة لغة، ومرة من جهة إعراب، وغير ذلك.
ولا مرية أن هذه الوجوه إنما اختلفت لاختلاف في العبارات بين الجملة التي نزل القرآن بلسانها، وذلك يقال فيه اختلاف لغات.
وصحيح أن يقصد عليه السلام عد الأنحاء والوجوه التي اختلفت في القرآن بسبب اختلاف عبارات اللغات، وصحيح أن يقصد عد الجماهير والرؤوس من الجملة التي نزل القرآن بلسانها، وهي قبائل مضر، فجعلها سبعة، وهذا القول أكثر توسعة للنبي صلى الله عليه وسلم لأن الأنحاء تبقى غير محصورة، فعسى أن الملك قد أقرأه بأكثر من سبعة طرائق ووجوه. قال القاضي أبو بكر في كلامه المتقدم: فجائز أن يقرأ بهذه الوجوه على اختلافها.
قال ابن عطيه والشرط الذي يصح به هذا القول: هو أن يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال كثير من أهل العلم، كأبي عبيد وغيره: إن معنى الحديث أنه أنزل على سبع لغات لسبع قبائل، أتيت فيها كل لغة منها. وهذا القول المتقرر من كلام القاضي أبي بكر.
وقد ذكر بعضهم قبائل من العرب روما منهم أن يعينوا السبع التي يحسن أن تكون مراده عليه السلام، نظروا في ذلك بحسب القطر ومن جاور منشأ النبي صلى الله عليه وسلم. واختلفوا في التسمية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرشي واسترضع في بني سعد، ونشأ فيهم ثم ترعرع، [] (1) وهو يخالط في اللسان كنانة وهذيلا وثقيفا،