كله يعضد قول من قال: إن معنى السبعة الأحرف المذكورة في الحديث سبعة أوجه من الكلام المتفق معناه، المختلف لفظه، نحو: هلم، وتعال، وعجل، وأسرع، وانظر، واجر، ونحو ذلك.
وسنورد من الآثار وأقوال علماء الأمصار في هذا الباب ما يبين لك به أن ما اخترناه هو الصواب فيه إن شاء الله، وأنه أصح من قول من قال: سبع لغات متفرقات، كما قدمنا ذكره، وكما هو موجود في القرآن بإجماع من كثرة اللغات المختلفات المتفرقات فيه، حتى لو تقصيت لكثير عددها.
وللعلماء في لغات القرآن مؤلفات تشهد لما قلنا، وذكر من طريق أبي داود حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أنزل القرآن على سبعة أحرف: غفورا رحيما، عزيزا حكيما، عليما حكيما.
ومن طريق النسائي: حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن شقير العبدي (1)، عن سليمان بن صرد، عن أبي بن كعب قال: سمعت رجلا يقرأ فقلت: من أقرأك فقال: رسول الله، فقال: انطلق إليه، فانطلقنا إليه فقلت: استقرئه يا رسول الله، قال: اقرأ، فقرأ، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسنت، فقلت: أو لم تقرئني كذا وكذا؟ قال: بلى، وأنت قد أحسنت، فقلت: [تقول] (2): قد أحسنت قد أحسنت؟ قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في صدري ثم قال: اللهم أذهب عن أبي الشك، قال: نقضت عرقا، وامتلأ جوفي فرقا، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
يا أبي: إن ملكين أتياني فقال أحدهما: اقرأ على حرف، قال الآخر: زده، قلت:
زدني، قال: اقرأ على حرفين، قال الآخر: زده، قلت زدني قال: اقرأ على ثلاثة أحرف، قال الآخر، قال الآخر: زده، قلت: زدني، قال اقرأ على أربعة أحرف، قال الآخر: زده، قلت: زدني، قال: اقرأه على خمسة أحرف، قال الآخر: زده، قلت: زدني، قال اقرأه على ستة أحرف، قال الآخر: زده، قلت زدني، قال اقرأه على سبعة أحرف، فالقرآن أنزل على سبعة أحرف. وذكر طرقا (3).