حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: نزل القرآن بلغة الكعبين: كعب قريش وكعب خزاعة جيران قريش فأخذوا بلغتهم، وذكر أخبار قد ذكرنا أكثرها في هذا الباب.
وقال آخرون: هذه اللغات كلها السبعة، وإنما تكون لمضر، واحتجوا بقوله:
نزل القرآن بلسان مضر، وقالوا: جائز أن يكون منها لقريش، ومنها لكنانة، ومنها لأسد، ومنها لهذيل، ومنها لتميم، ومنها لطئ، ومنها لقيس، فهذه قبائل مضر تستوعب سبع لغات على هذه المراتب.
وقد روي عن ابن مسعود أنه كان يحب الذين يكتبون المصاحف من مضر، وأنكر آخرون أن تكون كلها في مضر، وقالوا: مضر شواذ لا يجوز أن يقرأ القرآن عليها، مثل كشكشة قيس، وعنعنة تميم، فأما كشكشة قيس: فإنهم يجعلون كاف المؤنث شيئا، فيقولون في [قوله تعالى] (١): ﴿قد جعل ربك تحتك سريا﴾ (2)، (قد جعل ربش تحتش سريا)، وأما عنعنة تميم: فيقولون في (أن):
(عن)، فيقرءون في قوله تعالى: [(فعسي الله أن يأتي بالفتح)] (3)، (فعسي الله عن يأتي بالفتح)، وبعضهم يبدل السين تاءا، فيقول في (الناس): (النات)، وفي أكياس: أكيات، وهذه لغات يرغب بالقرآن عنها، ولا يحفظ عن السلف شئ منها.
وقال آخرون: أما بدل الهمزة عينا، وبدل حروف الحلق (4) بعضها من بعض، فمشهور عن الفصحاء، وقد فسروا به [العنعنة] (5)، واحتجوا بقراءة ابن مسعود: (ليسجننه حتى حين) (6)، وبقول ذي الرمة:
فعيناك عيناها وجيدك جيدها * ولونك إلا عنها غير طائل يريد (إلا أنها).