[ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر] (1) بونا كبيرا: ذلك طمع في المغفرة، وهذا غفر له بيقين.
وكذا قوله [تعالى عن الخليل عليه السلام] (2): [ولا تخزني يوم يبعثون] (3)، مع قوله [تعالى عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم] (2): [يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه] (4)، تجده ابتدأ محمدا [صلى الله عليه وسلم] بالبشارة قبل السؤال.
وكذا قوله تعالى: [يا أيها النبي حسبك الله] (5) والخليل قال: [حسبي الله] (6)، تجد بين المقامين بونا كبيرا.
وكذلك قول الخليل: [واجعل لي لسان صدق في الآخرين] (7)، مع قوله تعالى لمحمد [صلى الله عليه وسلم]: [ورفعنا لك ذكرك] (8)، يظهر لك شرف مقامه، لأنه أعطي بلا سؤال.
[وكذا] (9) قول الخليل: [واجنبني وبني أن نعبد الأصنام] (10)، ومحمد صلى الله عليه وسلم قيل له: [إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا] (11) وفي ذلك تنبيه على علو مقام المصطفى ورفيع مكانته صلى الله عليه وسلم.
وأما الذبيح: فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حصل له من شق صدره المقدس ما هو من جنس ما أوتيه الذبيح فإن الذبيح إسماعيل عليه السلام، صبر على مقدمات الذبح:
شد وثاقه، وتله للجبين، وإهواء أبيه بالمدية إلى منحره، [فوفى] (12) بما وعد به من قوله: [ستجدني إن شاء الله من الصابرين] (13).
وكان لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك أوفى مقام من الصبر وأجل، لأن الذي حصل من الذبيح إنما هو الصبر على مقدمات الذبح فقط، والمصطفى [صلى الله عليه وسلم صبر] (14) على شق صدره، واستخراج قلبه، ثم شقه، ثم استخراج العلقة، ثم غسله، ثم إطباقه، ثم وضعه، ثم إخاطة صدره.