وقد قصم صلى الله عليه وسلم ببرهان نبوته الذي أتاه مكذبا بالبعث بعد الموت - وهو أبي ابن خلف - وقد حمل عظاما باليا، وفركه ثم قال: [من يحيي العظام وهي رميم]؟ فأنزل الله تعالى: [قل يحييها الذي أنشأها أول مرة] (1)، فانصرف عدو الله مبهورا.
كما بهت الذي كفر - وهو نمروذ - إذ يقول تعالى: [ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر] (2).
وقد اختلف في هذا القائل، فقال مجاهد وقتادة: هو أبي بن خلف، وقال سعيد بن جبير [عن ابن] (3) عباس: هو العاص بن وائل، وصححه الحاكم، وروى [عن أبيه] عباس: أنه عبد الله بن أبي [ابن] (4) سلول.
وإبراهيم عليه السلام، وإن كان له في بناية البيت الحرام شرفا يميز به على من عداه، فإن أعظم ما في البيت: الحجر الأسود، وقد أعطى الله تعالى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فإن قريشا لما بنت البيت في جاهليتها، اختلفت فيمن يضع الحجر، حتى أشير عليهم بتحكيم أول من يطلع عليهم، فطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكموه، فوضع الحجر في رداء، وأمر كل قبيلة أن ترفع منه شيئا، ثم وضعه صلى الله عليه وسلم بيده، كما تقدم ذلك بطرقه.
ثم انظر قوله تعالى: [وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين] (5)، يظهر لك أن الخليل عليه السلام كان وصوله بواسطة، وأين ذلك من قوله تعالى في حق محمد صلى الله عليه وسلم: [ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى] (6).
وانظر قوله تعالى عن الخليل [عليه السلام]: [والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين] (7)، تجد بينه وبين قوله تعالى لنبينا محمد [صلى الله عليه وسلم]: