محمدا عبده ورسوله، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبكي من الفرح كما بكيت من الحزن، فقلت: يا رسول الله أبشر فقد استجاب الله دعاءك، قد هدى الله أم أبي هريرة، وقلت: يا رسول الله ادعو الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين، فقال: اللهم حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما " قال أبو هريرة: فما خلق الله من مؤمن يسمع بي ولا يراني أو يرى أمي إلا وهو يحبني (1). وقد رواه مسلم من حديث عكرمة عن عمار نحوه. وهذا الحديث من دلائل النبوة، فإن أبا هريرة محبب إلى جميع الناس، وقد شهر الله ذكره بما قدره أن يكون من روايته من إيراد هذا الخبر عنه على رؤوس الناس في الجوامع المتعددة في سائر الأقاليم في الانصات يوم الجمعة بين يدي الخطبة، والامام على المنبر، وهذا من تقدير الله العزيز العليم، ومحبة الناس له رضي الله عنه.
وقال هشام بن عمار: حدثنا سعيد، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن المقبري، عن سالم مولى النضريين: أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنما محمد بشر أغضب كما يغضب البشر وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه، فأيما رجل من المسلمين آذيته أو شتمته أو جلدته فاجعلها له قربة بها عندك يوم القيامة " قال أبو هريرة: لقد رفع علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الدرة ليضربني بها فلان يكون ضربني بها أحب إلي من حمر النعم، ذلك بأني أرجو أن أكون مؤمنا وأن يستجاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته، وقال ابن أبي ذيب، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة.
قال: قلت يا رسول الله إني أسمع منك حديثا كثيرا فأنساه، فقال: " ابسط رداءك، فبسطته، ثم قال: ضمه فضممته فما نسيت حديثا بعد " (2) رواه البخاري. وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن الزهري عن عبد الرحمن الأعرج. قال: سمعت أبا هريرة يقول: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله الموعد إني كنت امرأ مسكينا أصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق في الأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم، فحضرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما مجلسا فقال: " من بسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه إليه فلن ينسى شيئا سمعه مني ". فبسطت بردة علي حتى قضى مقالته ثم قبضتها إلي فوالذي نفسي بيده ما نسيت شيئا سمعته منه بعد ذلك (3). وقد رواه ابن وهب عن يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وله طرق أخر عنه. وقد قيل إن هذا كان خاصا بتلك المقالة لم ينس منها شيئا، بدليل أنه نسي بعض الأحاديث كما هو مصرح في الصحيح، حيث نسي حديث " لا عدوى ولا طيرة " مع حديثه " لا يورد ممرض على مصح " وقيل: إن هذا كان عاما في