وولى عليها عبد الله بن عمرو بن غيلان. وروى ابن جرير وغيره عن سمرة أنه قال لما عزله معاوية: لعن الله معاوية لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذبني أبدا. وهذا لا يصح عنه. وأقر عبد الله بن خالد بن أسيد على نيابة الكوفة، وكان زياد قد استخلفه عليها فأبقاه معاوية. وقدم في هذه السنة عبيد الله بن زياد على معاوية فأكرمه وسأله عن نواب أبيه على البلاد فأخبره عنهم، ثم ولاه إمرة خراسان وهو ابن خمس وعشرين سنة، فسار إلى مقاطعته وتجهز من فوره غاديا إليها، فقطع النهر إلى جبال بخارا، ففتح (1) رامس ونصف بيكند - وهما من معامة بخارا - ولقي الترك هناك فقاتلهم قتالا شديدا وهزمهم هزيمة فظيعة بحيث إن المسلمين أعجلوا امرأة الملك أن تلبس خفيها، فلبست واحدة وتركت أخرى، فأخذها المسلمون فقوموا جواهرها (2) بمائتي ألف درهم، وغنموا مع ذلك غنائم كثيرة، وأقام عبيد الله بخراسان سنتين. وفي هذه السنة حج بالناس مروان بن الحكم نائب المدينة. وكان على الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد، وقيل: بل كان عليها الضحاك بن قيس، وكان على البصرة عبد الله بن غيلان.
ذكر من توفي فيها من الأعيان أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي أبو محمد المدني مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن مولاه، وحبه وابن حبه، وأمه بركة أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته، ولاه رسول الله الامرة بعد مقتل أبيه فطعن بعض الناس في إمرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمرة أبيه من قبله، وأيم الله إن كان لخليقا بالامارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي بعده ". وثبت في صحيح البخاري عنه: " أن رسول الله كان يجلس الحسن على فخذه ويجلس أسامة على فخذه الأخرى ويقول: اللهم إني أحبهما فأحبهما ". وفضائله كثيرة. توفي رسول الله وعمره تسع عشرة سنة، وكان عمر إذا لقيه يقول:
السلام عليك أيها الأمير. وصحح أبو عمر بن عبد البر أنه توفي في هذه السنة، وقال غيره سنة ثمان أو تسع وخمسين، وقيل توفي بعد مقتل عثمان. فالله أعلم.
ثوبان بن مجدد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدمت ترجمته في مواليه ومن كان يخدمه عليه السلام، أصله من العرب