الحذع ودفن هناك. ودخل الحجاج إلى مكة فأخذ البيعة من أهلها إلى عبد الملك بن مروان، ولم يزل الحجاج مقيما بمكة حتى أقام للناس الحج عامه هذا أيضا وهو على مكة واليمامة واليمن.
وهذه ترجمة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير هو عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، أبو بكر ويقال له أبو خبيب القرشي الأسدي، أول مولود ولد بعد الهجرة بالمدينة من المهاجرين، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، ذات النطاقين، هاجرت وهي حامل به تم فولدته بقبا أول مقدمهم المدينة وقيل إنما ولدته في شوال سنة ثنتين من الهجرة، قاله الواقدي ومصعب الزبيري وغيرهما، والأول أصح لما رواه أحمد عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن أسماء أنها حملت بعبد الله بمكة قالت: فخرجت به وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقبا فولدته، ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه، فكان أول ما دخل في جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ثم حنكه ثم دعا له وتبرك عليه، فكان أول مولود ولد في الاسلام. وهو صحابي جليل، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وروى عن أبيه وعمر وعثمان وغيرهم. وعنه جماعة من التابعين، وشهيد الجمل، مع أبيه وهو صغير، وحضر خطبة عمر بالجابية، ورواها عنه بطولها. ثبت ذلك من غير وجه. وقدم دمشق لغزو القسطنطينية، ثم قدمها مرة أخرى وبويع بالخلافة أيام يزيد بن معاوية لما مات معاوية بن يزيد، فكان على الحجاز واليمن والعراقين ومصر وخراسان وسائر بلاد الشام إلا دمشق، وتمت البيعة له سنة أربع وستين وكان الناس بخير في زمانه. وثبت من غير وجه عن هشام عن أبيه عن أسماء أنها خرجت بعبد الله من مكة مهاجرة وهي حبلى به فولدته بقبا أول مقدمهم المدينة، فأتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنكه وسماه عبد الله ودعا له، وفرح المسلمون به لأنه كانت اليهود قد زعموا أنهم قد سحروا المهاجرين فلا يولد لهم في المدينة، فلما ولد ابن الزبير كبر المسلمون، وقد سمع عبد الله بن عمر جيش الشام حين كبروا عند قتله، فقال: أما والله للذين كبروا عند مولده خير من هؤلاء الذين كبروا عند قتله. وأذن الصديق في أذنه حين ولد رضي الله عنهما، ومن قال إن الصديق طاف به حول الكعبة وهو في خرقة فهو وأهم والله أعلم. وإنما طاف الصديق به في المدينة ليشتهر أمر ميلاده على خلاف ما زعمت اليهود.
وقال مصعب الزبيري: كان عارضا عبد الله خفيفين، وما اتصلت لحيته حتى بلغ ستين سنة، وقال الزبير بن بكار: حدثني علي بن صالح، عن عامر بن صالح، عن سالم بن عبد الله بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم في غلمة ترعرعوا منهم عبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، وعمر بن أبي سلمة، فقيل يا رسول الله لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ويكون لهم ذكر، فأتي بهم إليه فكأنهم تكعكعوا واقتحم عبد الله بن الزبير، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " إنه ابن أبيه وبايعه ".
وقد روي من غير وجه أن عبد الله بن الزبير شرب من دم النبي صلى الله عليه وسلم، " كان النبي صلى الله عليه وسلم قد احتجم