له: إلى أين تذهب؟ قال: إلى مصعب. قال: ممن؟ قال: من شمر، فقال: اذهب معي إلى سيدي، وإذا سيده أبو عمرة أمير حرس المختار، وهو (1) قد ركب في طلب شمر، فدله العلج على مكانه فقصده أبو عمرة، وقد أشار أصحاب شمر عليه أن يتحول من مكانه ذلك، فقال لهم: هذا كله فرق من الكذاب، والله لا أرتحل من ههنا إلى ثلاثة أيام حتى أملا قلوبهم رعبا فلما كان الليل كابسهم أبو عمرة في الخيل فأعجلهم أن يركبوا أو يلبسوا أسلحتهم، وثار إليهم شمر بن ذي الجوشن فطاعنهم برمحه وهو عريان ثم دخل خيمته فاستخرج منها سيفا وهو يقول:
نبهتم ليث عرين باسلا (2) * جهما محياه يدق الكاهلا لم ير يوما عن عدو ناكلا * إلا أكر مقاتلا أو قاتلا (3) يزعجهم (4) ضربا ويروي العاملا ثم ما زال يناضل عن نفسه حتى قتل، فلما سمع أصحابه وهم منهزمون صوت التكبير وقول أصحاب المختار الله أكبر قتل الخبيث عرفوا أنه قد قتل قبحه الله.
قال أبو مخنف: عن يونس بن أبي إسحاق قال: ولما خرج المختار من جبانة السبيع وأقبل إلى القصر - يعني منصرفه من القتال - ناداه سراقة بن مرداس بأعلا صوته وكان في الاسرى.
امنن علي اليوم يا خير معد * وخير من حل بشحر والجند وخير من لبى وصام وسجد (5) قال: فبعث إلى السجن فاعتقله ليلة ثم أطلقه من الغد، فأقبل إلى المختار وهو يقول:
ألا أخبر (6) أبا إسحاق أنا * نزونا نزوة كانت علينا خرجنا لا نرى الضعفاء شيئا * وكان خروجنا بطرا وشينا (7)