بحديثه (1). وقال الواقدي: حدثني عبد الله بن نافع عن أبيه. قال: كنت مع ابن عمر في جنازة أبي هريرة وهو يمشي أمامها ويكثر الترحم عليه، ويقول: كان ممن يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين (2). وقد روي أن عائشة تأولت أحاديث كثيرة من أبي هريرة ووهمته في بعضها، وفي الصحيح أنها عابت عليه سرد الحديث، أي الاكثار منه في الساعة الواحدة. وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا بشر بن الوليد الكندي، ثنا إسحاق بن سعد، عن سعيد أن عائشة قالت لأبي هريرة: أكثرت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة، قال: إني والله ما كنت تشغلني عنه المكحلة والخضاب، ولكن أرى ذلك شغلك عما استكثرت من حديثي. قالت: لعله. وقال أبو يعلى: حدثنا إبراهيم الشامي، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي رافع أن رجلا من قريش أتى أبا هريرة في حلة وهو يتبختر فيها، فقال: يا أبا هريرة إنك تكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل سمعته يقول في حلتي هذه شيئا؟ قال: والله إنكم لتؤذوننا، ولولا ما أخذ الله على أهل الكتاب * (لتبيننه للناس ولا يكتمونه) * [آل عمران: 187] ما حدثتكم بشئ، سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: " إن رجلا ممن كان قبلكم بينما هو يتبختر في حلة إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها حتى تقوم الساعة " (3). فوالله ما أدري لعله كان من قومك أو من رهطك - شك أبو يعلى - وقال محمد بن سعد: حدثنا محمد بن عمر، حدثني كثير ين زيد، عن الوليد بن رباح.
قال: سمعت أبا هريرة يقول لمروان: والله ما أنت بوال، وإن الوالي لغيرك فدعه - يعني حين أرادوا يدفنون الحسن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولكن تدخل فيما لا يعنيك، إنما يريد بهذا إرضاء من هو غائب عنك - يعني معاوية - قال: فأقبل عليه مروان مغضبا فقال: يا أبا هريرة إن الناس قد قالوا إنك أكثرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، وإنما قدمت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيسير، فقال أبو هريرة: نعم! قدمت ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر سنة سبع، وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين سنة سنوات، وأقمت معه حتى توفي، أدور معه في بيوت نسائه وأخدمه، وأنا والله يومئذ مقل، وأصلي خلفه وأحج وأغزو معه، فكنت والله أعلم الناس بحديثه، قد والله سبقني قوم بصحبته والهجرة إليه من قريش والأنصار، وكانوا يعرفون لزومي له فيسألوني عن حديثه، منهم عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير، فلا والله ما يخفى علي كل حديث كان بالمدينة، وكل من أحب الله ورسوله، وكل من كانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة، وكل صاحب له، وكان أبو بكر صاحبه في الغار وغيره، وقد أخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يساكنه - يعرض بأبي مروان الحكم بن العاص -.