تلك المقالة وغيرها والله أعلم. وقال الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة أنه قال: " يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: لقد ظننت يا أبا هريرة أن أحدا لا يسألني عن هذا الحديث أول منك، لما رأيت من حرصك على الناس، إن أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قبل نفسه " (1) ورواه البخاري من حديث عمرو بن أبي عمرو به. وقال ابن أبي ذيب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه قال:
" حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين فأما أحدهما فبثثته في الناس، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم " رواه البخاري من حديث ابن أبي ذيب، ورواه غير واحد عن أبي هريرة، وهذا الوعاء الذي كان لا يتظاهر به هو الفتن والملاحم وما وقع بين الناس من الحروب والقتال، وما سيقع التي لو أخبر بها قبل كونها لبادر كثير من الناس إلى تكذيبه، وردوا ما أخبر به من الحق، كما قال: لو أخبرتكم أنكم تقتلون إمامكم وتقتتلون فيما بينكم بالسيوف لما صدقتموني. وقد يتمسك بهذا الحديث طوائف من أهل الأهواء والبدع الباطلة، والأعمال الفاسدة، ويسندون ذلك إلى هذا الجواب الذي لم يقله أبو هريرة، ويعتقدون أن ما هم عليه كان في هذا الجواب الذي لم يخبر به أبو هريرة، وما من مبطل مع تضاد أقوالهم إلا وهو يدعي هذا وكلهم يكذبون، فإذا لم يكن أبو هريرة قد أخبر به فمن علمه بعده؟ وإنما كان الذي فيه شئ من الفتن والملاحم كما أخبر بها هو وغيره من الصحابة، مما ذكرناه ومما سنذكره في كتاب الفتن والملاحم. وقال حماد بن زيد: حدثنا عمرو بن عبيد الأنصاري، ثنا أبو الزعيزعة كاتب مروان بن الحكم أن مروان دعا أبا هريرة وأقعده خلف السرير، وجعل مروان يسأل وجعلت أكتب عنه، حتى إذا كان عند رأس الحول دعا به وأقعده من وراء الحجاب فجعل يسأله عن ذلك الكتاب، فما زاد ولا نقص، ولا قدم ولا أخر. وروى أبو بكر بن عياش وغيره عن الأعمش عن أبي صالح. قال: كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن بأفضلهم. وقال الربيع قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره. وقال أبو القاسم البغوي. حدثنا أبو خيثمة ثنا الوليد بن مسلم ثنا سعيد بن عبد العزيز عن مكحول قال: تواعد الناس ليلة من الليالي إلى قبة من قباب معاوية فاجتمعوا فيها، فقام أبو هريرة فحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح. وقال سفيان بن عيينة، عن معمر، عن وهب بن منبه، عن أخيه همام بن منبه. قال: سمعت أبا هريرة يقول: ما من أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا عنه عني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب.
وقال أبو زرعة الدمشقي: حدثني محمد بن زرعة الرعيني، ثنا مروان بن محمد، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبد الله، عن السائب بن يزيد قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول