فأصابه سبي فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه، فلزم رسول الله سفرا وحضرا، فلما مات أقام بالرملة ثم انتقل إلى حمص فابتنى بها دارا ولم يزل بها حتى مات في هذه السنة على الصحيح، وقيل سنة أربع وأربعين وهو غلط، ويقال إنه توفي بمصر، والصحيح بحمص.
جبير بن مطعم تقدم أنه توفي سنة خمسين.
الحارث بن ربعي أبو قتادة الأنصاري، وقال الواقدي: اسمه النعمان بن ربعي، وقال غيره: عمرو بن ربعي وهو أبو قتادة الأنصاري السلمي المدني فارس الاسلام، شهد أحدا وما بعدها، وكان له يوم ذي قرد سعي مشكور كما قدمنا هناك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة بن الأكوع ". وزعم أبو أحمد الحاكم أنه شهد بدرا وليس بمعروف، وقال أبو سعيد الخدري: أخبرني من هو خير مني أبو قتادة الأنصاري أن رسول الله قال لعمار: " تقتلك الفئة الباغية ". قال الواقدي وغير واحد: توفي في هذه السنة - يعني سنة أربع وخمسين - بالمدينة عن سبعين سنة، وزعم الهيثم بن عدي وغيره أنه توفي بالكوفة سنة ثمان وثلاثين، وصلى عليه علي بن أبي طالب. وهذا غريب.
حكيم بن حزام ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي أبو خالد المكي، أمه فاختة بنت زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى، وعمته خديجة بن خويلد، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم أولاده سوى إبراهيم. ولدته أمه في جوف الكعبة قبل الفيل بثلاث عشرة سنة، وذلك أنها دخلت تزور فضربها الطلق وهي في الكعبة فوضعته على نطع، وكان شديد المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما كان بنو هاشم وبنو المطلب في الشعب لا يبايعوا ولا يناكحوا، كان حكيم يقبل بالعير يقدم من الشام فيشتريها بكمالها، ثم يذهب بها فيضرب أدبارها حتى يلج الشعب يحمل الطعام والكسوة تكرمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعمته خديجة بنت خويلد. وهو الذي اشترى زيد بن حارثة فابتاعته منه عمته خديجة فوهبته لرسول الله فأعتقه، وكان اشترى حلة ذي يزن فأهداها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلبسها، قال: فما رأيت شيئا أحسن منه فيها. ومع هذا ما أسلم إلا يوم الفتح هو وأولاده كلهم، قال البخاري وغيره: عاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الاسلام ستين سنة، وكان من سادات قريش وكرمائهم وأعلمهم بالنسب، وكان كثير الصدقة والبر والعتاقة، فلما أسلم سأل عن ذلك رسول الله فقال: " أسلمت على ما أسلمت من خير ". وقد كان حكيم