وقد زاد بعض الروافض فيها فقال:
لعبت هاشم بالملك فلا * ملك جاءه ولا وحي نزل فهذا إن قاله يزيد بن معاوية فلعنة الله عليه ولعنة اللاعنين، وإن لم يكن قاله فلعنة الله على من وضعه عليه ليشنع به عليه، وسيذكر في ترجمة يزيد بن معاوية قريبا، وما ذكر عنه وما قيل فيه وما كان يعانيه من الافعال والقبائح والأقوال في السنة الآتية، فإنه لم يمهل بعد وقعة الحرة وقتل الحسين إلا يسيرا حتى قصمه الله الذي قصم الجبابرة قبله وبعده، إنه كان عليما قديرا. وقد توفي في هذه السنة خلق من المشاهير والأعيان من الصحابة وغيرهم في وقعة الحرة مما يطول ذكرهم. فمن مشاهيرهم من الصحابة عبد الله بن حنظلة أمير المدينة في وقعة الحرة، ومعقل بن سنان وعبيد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنهم، ومسروق بن الأجدع.
ثم دخلت سنة أربع وستين ففيها في أول المحرم منها سار مسلم بن عقبة إلى مكة قاصدا قتال ابن الزبير ومن التف عليه من الاعراب، على مخالفة يزيد بن معاوية، واستخلف على المدينة روح بن زنباع (1)، فلما بلغ ثنية هرشا (2) بعث إلى رؤوس الأجناد فجمعهم، فقال: إن أمير المؤمنين عهد إلي أن حديث بي حدث الموت أن أستخلف عليكم حصين بن نمير السكوني، ووالله لو كان الامر لي ما فعلت، ثم دعا به فقال: انظر يا بن بردعة الحمار فاحفظ ما أوصيك به، ثم أمره إذا وصل مكة أن يناجز ابن الزبير قبل ثلاث، ثم قال: اللهم إني لم أعمل عملا قط بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، أحب إلي من قتل أهل المدينة، وأجزى عندي في الآخرة. وإن دخلت النار بعد ذلك إني لشقي، ثم مات قبحه الله ودفن بالمسلك (3) فيما قاله الواقدي.
ثم أتبعه الله بيزيد بن معاوية فمات بعده في ربيع الأول لأربع عشر ليلة خلت منه، فما متعهما الله بشئ مما رجوه وأملوه، بل قهرهم القاهر فوق عباده، وسلبهم الملك، ونزعه منهم من ينزع الملك ممن يشاء.
وسار حصين بن نمير بالجيش نحو مكة فانتهى إليها لأربع بقين من المحرم فيما قاله الواقدي، وقيل لسبع مضين منه، وقد تلاحق بابن الزبير جماعات ممن بقي من أشراف أهل المدينة،