شجرة في البحر، وقيل: بل غزا البحر وبلاد الروم جنادة بن أبي أمية، وقيل: إنما شتى بأرض الروم عمرو بن يزيد الجهني. قال أبو معشر والواقدي: وحج بالناس فيها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وفيها ولى معاوية الكوفة لعبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان بن ربيعة الثقفي، ابن أم الحكم، وأم الحكم هي أخت معاوية، وعزل عنها الضحاك بن قيس، فولى ابن أم الحكم على شرطته زائدة بن قدامة، وخرجت الخوارج في أيام ابن أم الحكم، وكان رئيسهم في هذه الوقعة حيان بن ضبيان السلمي، فبعث إليهم جيشا فقتلوا الخوارج جميعا، ثم إن ابن أم الحكم أساء السيرة في أهل الكوفة فأخرجوه من بين أظهرهم طريدا، فرجع إلى خاله معاوية فذكر له ذلك، فقال: لأولينك مصرا هو خير لك، فولاه مصر، فلما سار إليها تلقاه معاوية بن خديج على مرحلتين من مصر، فقال له: ارجع إلى خالك معاوية، فلعمري لا ندعك تدخلها فتسير فيها وفينا سيرتك في إخواننا أهل الكوفة، فرجع ابن أم الحكم إلى معاوية ولحقه معاوية بن خديج وافدا على معاوية، فلما دخل عليه وجده عنده أخته أم الحكم، وهي أم عبد الرحمن الذي طرده أهل الكوفة وأهل مصر، فلما رآه معاوية قال: بخ بخ، هذا معاوية بن خديج، فقالت أم الحكم:
لأمر حبابه، تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقال معاوية بن خديج: على رسلك يا أم الحكم، أما والله لقد تزوجت فما أكرمت، وولدت فما أنجبت، أردت أن يلي ابنك الفاسق علينا فيسير فينا كما سار في إخواننا أهل الكوفة، فما كان الله ليريه ذلك، ولو فعل ذلك لضربناه ضربا يطأطئ منه رأسه، - أو قال لضربنا ما صاصا منه - وإن كره ذلك الجالس - يعني معاوية - فالتفت إليها معاوية فقال: كفى.
قصة غريبة ذكرها ابن الجوزي في كتابه المنتظم بسنده، وهو أن شابا من بني عذرة جرت له قصة مع ابن أم الحكم، وملخصها أن معاوية بينما هو يوما على السماط إذا شاب من بني عذرة قد تمثل بين يديه فأنشده شعرا مضمونه التشوق إلى زوجته سعاد، فاستدناه معاوية واستحكاه عن أمره، فقال: يا أمير المؤمنين إني كنت مزوجا بابنة عم لي، وكان لي إبل وغنم، وأنفقت ذلك عليها، فلما قل ما بيدي رغب عني أبوها وشكاني إلى عاملك بالكوفة، ابن أم الحكم، وبلغه جمالها فحبسني في الحديد وحملني على أن أطلقها، فلما انقضت عدتها أعطاها عاملك عشرة آلاف درهم فزوجه إياها، وقد أتيتك يا أمير المؤمنين وأنت غياث المحزون الملهوف المكروب، وسند المسلوب، فهل من فرج؟ ثم بكى وأنشأ يقول:
في القلب مني نار * والنار فيها شرار والجسم مني نحيل * واللون فيه اصفرار والعين تبكي بشجو * فدمعها مدرار