عبيد (1)، وشتى هنالك، ففتح البلد وغنم شيئا كثيرا. وفيها كانت صائفة عبد الله بن كرز. وفيها وقع الطاعون بالكوفة فخرج منها المغيرة فارا، فلما ارتفع الطاعون رجع إليها فأصابه الطاعون فمات، والصحيح أنه مات سنة خمسين كما سيأتي، فجمع معاوية لزياد الكوفة إلى البصرة، فكان أول من جمع له بينهما، فكان يقيم في هذه ستة أشهر وهذه ستة أشهر، وكان يستخلف على البصرة سمرة بن جندب. وحج بالناس في هذه السنة سعيد بن العاص.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأعيان الحسن بن علي بن أبي طالب أبو محمد القرشي الهاشمي، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ابنته فاطمة الزهراء، وريحانته، وأشبه خلق الله به في وجهه، ولد للنصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة، فحنكه رسول الله بريقه وسماه حسنا، وهو أكبر ولد أبويه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه حبا شديدا حتى كان يقبل ذبيبته وهو صغير، وربما مص لسانه واعتنقه وداعبه، وربما جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد في الصلاة فيركب على ظهره فيقره على ذلك ويطيل السجود من أجله، وربما صعد معه إلى المنبر، وقد ثبت في الحديث أنه عليه السلام بينما هو يخطب إذ رأى الحسن والحسين مقبلين فنزل إليهما فاحتضنهما وأخذهما معه إلى المنبر وقال: " صدق الله * (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) * [التغابن: 15] إني رأيت هذين يمشيان ويعثران فلم أملك أن نزلت إليهما " ثم قال: " إنكم لمن روح الله وإنكم لتبجلون وتحببون ". وقد ثبت في صحيح البخاري: عن أبي عاصم، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة، عن عقبة بن الحارث أن أبا بكر صلى بهم العصر بعد وفاة رسول الله بليال ثم خرج هو وعلي يمشيان، فرأى الحسن يلعب مع الغلمان فاحتمله على عنقه وجعل يقول: " يا بابي شبه النبي، ليس شبيها بعلي ". قال: وعلي يضحك (2). وروى سفيان الثوري وغير واحد قالوا: ثنا وكيع، ثنا إسماعيل بن أبي خالد سمعت أبا جحيفة يقول: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكان الحسن بن علي يشبهه ". ورواه البخاري ومسلم من حديث إسماعيل بن أبي خالد قال وكيع: لم يسمع إسماعيل من أبي جحيفة إلا هذا الحديث. وقال أحمد: ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا زمعة، عن ابن أبي مليكة قالت: كانت فاطمة تنقر للحسن بن علي وتقول:
يا بابي شبه النبي ليس شبيها بعلي. وقال عبد الرزاق وغيره: عن معمر، عن الزهري، عن أنس قال: كان الحسن بن علي أشبههم وجها برسول الله صلى الله عليه وسلم. ورواه أحمد عن عبد الرزاق بنحوه، وقال