بينهم، فلما طال ذلك عليه استقضى شريحا فتكلم في شريح طائفة من الشيعة، وقالوا: إنه شهد حجر بن عدي، وإنه لم يبلغ عن هانئ بن عروة كما أرسله به، وقد كان علي بن أبي طالب عزله عن القضاء. فلما بلغ شريحا ذلك تمارض ولزم بيته، فجعل المختار مكانه عبد الله بن عتبة بن مسعود، ثم عزله وجعل مكانه عبد الله بن مالك الطائي قاضيا.
فصل ثم شرع المختار يتتبع قتلة الحسين من شريف ووضيع فيقتله، وكان سبب ذلك أن عبيد الله بن زياد كان قد جهزه مروان من دمشق ليدخل الكوفة، فإن ظفر بها فليبحها ثلاثة أيام، فسار ابن زياد قاصدا الكوفة، فلقي جيش التوابين فكان من أمرهم ما تقدم. ثم سار من عين وردة حتى انتهى إلى الجزيرة فوجد بها قيس غيلان، وهم من أنصار ابن الزبير، وقد كان مروان أصاب منهم قتلى كثيرة يوم مرج راهط، فهم إلب عليه، وعلى ابنه عبد الملك من بعده، فتعوق عن المسير سنة وهو في حرب قيس غيلان وبالجزيرة، ثم وصل إلى الموصل فانحاز نائبها (1) عنه إلى تكريت، وكتب إلى المختار يعلمه بذلك فندب المختار يزيد بن أنس في ثلاثة آلاف اختارها، وقال له: إني سأمدك بالرجال بعد الرجال، فقال له: لا تمدني إلا بالدعاء. وخرج معه المختار إلى ظاهر الكوفة فودعه ودعا له وقال له: ليكن خبرك في كل يوم عندي، وإذ لقيت عدوك فناجزك فناجزه، ولا تؤخر فرصة. ولما بلغ مخرجهم ابن زياد (2) جهز بين يديه سريتين إحداهما مع ربيعة بن مخارق ثلاثة آلاف، والأخرى مع عبد الله بن حملة (3) ثلاثة آلاف، وقال: أيكم سبق فهو الأمير، وإن سبقتما معا فالأمير عليكم أسنكما. فسبق ربيعة بن مخارق إلى يزيد بن أنس فالتقيا في طرف أرض الموصل مما يلي الكوفة، فتواقفا هنالك، ويزيد بن أنس مريض مدنف، وهو مع ذلك يحرض قومه على الجهاد ويدور على الأرباع وهو محمول مضني وقال للناس: إن هلكت فالأمير على