مص من لبنها، قال معدى: وأنا رأيت ذلك الغلام في مسجد البصرة وقد قبض على لحيته.
قال ابن جرير: وفي هذه السنة بنى عبد الله بن الزبير الكعبة البيت الحرام، يعني أكمل بناءها وأدخل فيها الحجر، وجعل لها بابين يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر.
قال ابن جرير: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثني عبد العزيز عن خالد بن رستم الصنعاني، أبو محمد، حدثني زياد بن جبل: أنه كان بمكة يوم كان عليها ابن الزبير، فسمعته يقول: حدثتني أمي أسماء بنت أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: " لولا قرب عهد قومك بالكفر لرددت الكعبة على أساس إبراهيم فأزيد في الكعبة من الحجر ": قال: فأمر ابن الزبير فحفروا فوجدوا تلاعا أمثال الإبل، فحركوا منها تلعة - أو قال صخرة - فبرقت برقة فقال: أقروها على أساسها، فبناها بن الزبير وجعل لها بابين يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر.
قلت: هذا الحديث له طرق متعددة عن عائشة في الصحاح والحسان والمسانيد، وموضوع سياق طرق ذلك في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى.
وذكر ابن جرير في هذه السنة حروبا جرت بين عبد الله بن خازم بخراسان، وبين الحرشي بن هلال القزيعي (1) يطول تفصيلها. قال: وحج بالناس في هذه السنة عبد الله بن الزبير، وكان على المدينة مصعب بن الزبير، وعلى الكوفة عبد الله بن مطيع، وعلى البصرة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي.
وممن توفي فيها من الأعيان عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل أبو محمد السهمي كان من خيار الصحابة وعلمائهم وعبادهم، وكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا، أسلم قبل أبيه، ولم يكن أصغر من أبيه إلا باثني عشرة سنة، وكان واسع العلم مجتهدا في العبادة، عاقلا، وكان يلوم أباه في القيام مع معاوية، وكان سمينا، وكان يقرأ الكتابين القرآن والتوراة، وقيل إنه بكى حتى عمي، وكان يقوم الليل ويصوم يوما ويفطر يوما ويصوم يوما. استنابه معاوية على الكوفة ثم عزله عنها بالمغيرة بن شعبة، توفي في هذه السنة بمصر. وقتل بمكة عبد الله بن مسعدة الفزاري، له صحبة، نزل دمشق وقيل إنه من سبي فزارة.
ثم دخلت سنة ست وستين ففيها وثب المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب بالكوفة ليأخذوا ثأر الحسين بن علي فيما يزعم، وأخرج عنها عاملها عبد الله بن مطيع، وكان سبب ذلك أنه لما رجع أصحاب سليمان بن