وجعل أبا هريرة إماما، ثم يقول: والله يا أهل الاسلام إن كانت إجارتي معهم إلا على كسرة يابسة، وعقبة في ليلة غبراء مظلمة، ثم زوجنيها الله فكنت أركب إذا ركبوا، وأخذم إذا خدموا، وأنزل إذا نزلوا. وقال إبراهيم بن يعقوب الجورجاني: حدثنا الحجاج بن نصر ثنا هلال بن عبد الرحمن الحنفي، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبي سلمة. قال قال أبو هريرة وأبو ذر: باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوعا، وباب نعلمه علمنا به أو لم نعمل به، أحب إلينا من مائة ركعة تطوعا، وقالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا جاء طالب العلم الموت وهو على هذه الحال مات وهو شهيد " وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وروى غير واحد عن أبي هريرة أنه كان يتعوذ في سجوده أن يزني أو يسرق، أو يكفر أو يعمل كبيرة. فقيل له: أتخاف ذلك؟ فقال: ما يؤمنني وإبليس حي، ومصرف القلوب يصرفها كيف يشاء؟.
وقالت له ابنته: يا أبة إن النبات يعيرنني يقلن: لم لا يحليك أبوك بالذهب؟ فقال: يا بنية قولي لهن. إن أبي يخشى على حر اللهب وقال أبو هريرة أتيت عمر بن الخطاب فقمت له وهو يسبح بعد الصلاة فانتظرته فلما انصرف دنوت منه فقلت. أقرئني آيات من كتاب الله، قال: وما أريد إلا الطعام، قال فأقرأني آيات من سورة آل عمران، فلما بلغ أهله دخل وتركني على الباب، فقلت:
ينزع ثيابه ثم يأمر لي بطعام، فلم أر شيئا، فلما طال علي قمت فمشيت فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني فقال: " يا أبا هريرة إن خلوف فمك الليلة لشديد؟ فقلت: أجل يا رسول الله، لقد ظللت صائما وما أفطرت بعد، وما أجد ما أفطر عليه، قال: فانطلق، فانطلقت معه حتى أتى بيته فدعا جارية له سوداء فقال: إيتنا بتلك القصعة، فأتينا بقصعة فيها وضر من طعام أراه شعيرا قد أكل وبقي في جوانبها بعضه وهو يسير، فسميت وجعلت أتتبعه فأكلت حتى شبعت ". وقال الطبراني: ثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن محمد بن سيرين أنا أبا هريرة قال لابنته: لا تلبسي الذهب فإني أخشى عليك حر اللهب. وقد روي هذا عن أبي هريرة من طرق. وقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، ثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن أبي الربيع عن أبي هريرة أنه قال: إن هذه الكناسة مهلكة دنياكم وآخرتكم - يعني الشهوات وما يأكلونه - وروى الطبراني عن ابن سيرين عن أبي هريرة أن عمر بن الخطاب دعاه ليستعمله فأبى أن يعمل له، فقال: أتكره العمل وقد عمل من هو خير منك؟ - أو قال: قد طلبه من هو خير منك -؟ قال: من؟ قال: يوسف عليه السلام فقال أبو هريرة: يوسف نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة، فأخشى ثلاثا أو اثنتين. فقال عمر: أفلا قلت خمسا؟ قال: أخشى أن أقول بغير علم، وأقضي بغير حلم، وأن يضرب ظهري، وينزع مالي، ويشتم عرضي. وقال سعيد بن أبي هند، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " ألا تسألني من هذه الغنائم التي سألني أصحابك؟ فقلت: أسألك أن تعلمني مما علمك الله، قال: فنزع نمرة على ظهري فبسطها بيني وبينه حتى كأني إلى القمل يدب عليها، فحدثني حتى إذا استوعب حديثه قال: اجمعها إليك