يفعلوا ولن يفعلوا وما ذاك إلا لأنه كلام الخالق عز وجل، والله تعالى لا يشبهه شئ لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
والمقصود أن عيسى عليه السلام لما أقام عليهم الحجج والبراهين، استمر (1) أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم وطغيانهم فانتدب له من بينهم طائفة صالحة، فكانوا له أنصارا وأعوانا قاموا بمتابعته ونصرته ومناصحته وذلك حين هم به بنو إسرائيل ووشوا به إلى بعض ملوك ذلك الزمان فعزموا على قتله وصلبه فأنقذه الله منهم، ورفعه إليه من بين أظهرهم وألقى شبهه على أحد أصحابه فأخذوه فقتلوه وصلبوه وهم يعتقدونه عيسى وهم في ذلك غالطون وللحق مكابرون وسلم لهم كثير من النصارى ما ادعوه وكلا الفريقين في ذلك مخطئون قال تعالى: (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) [آل عمران: 54] وقال تعالى: (وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين. ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى للاسلام والله لا يهدي القوم الظالمين يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) [الصافات: 6 - 8] إلى أن قال بعد ذلك: (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين) [الصف: 14] فعيسى عليه السلام هو خاتم أنبياء بني إسرائيل وقد قام فيهم خطيبا فبشرهم بخاتم الأنبياء الآتي بعده ونوه باسمه، وذكر لهم صفته ليعرفوه ويتابعوه إذا شاهدوه إقامة للحجة عليهم وإحسانا من الله إليهم كما قال تعالى: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذين يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) [الأعراف: 157].