وحي بواسطة الرسول وتوفيق في قلوبهم لقبول الحق (1) ولهذا استجابوا قائلين: (آمنا واشهد بأننا مسلمون).
وهذا من جملة نعم الله على عبده ورسوله عيسى بن مريم أن جعل له أنصارا وأعوانا ينصرونه ويدعون معه إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال تعالى لعبده محمد صلى الله عليه وسلم: (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) [الأنفال: 62 - 63] وقال تعالى: (ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين. ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) [آل عمران: 48 - 54].
كانت معجزة كل نبي في زمانه بما يناسب أهل ذلك الزمان فذكروا أن موسى عليه السلام كانت معجزته مما يناسب أهل زمانه وكانوا سحرة أذكياء فبعث بآيات بهرت الابصار وخضعت لها الرقاب، ولما كان السحرة خبيرين بفنون السحر، وما ينتهي إليه وعاينوا ما عاينوا من الامر الباهر الهائل، الذي لا يمكن صدوره إلا عمن أيده الله وأجرى الخارق على يديه تصديقا له أسلموا سراعا ولم يتلعثموا، وهكذا عيسى بن مريم بعث في زمن الطبائعية الحكماء، فأرسل بمعجزات لا يستطيعونها ولا يهتدون إليها وأنى لحكيم إبراء الأكمه الذي هو أسوأ حالا من أعمى والأبرص والمجذوم ومن به مرض مزمن، وكيف يتوصل أحد من الخلق إلى أن يقيم الميت من قبره، هذا مما يعلم كل أحد معجزة دالة على صدق من قامت به وعلى قدرة من أرسله وهكذا محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين بعث في زمن الفصحاء البلغاء فأنزل الله عليه القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فلفظه معجز تحدى به الإنس والجن أن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله أو بسورة وقطع عليهم بأنهم لا يقدرون لا في الحال ولا في الاستقبال فإن لم