كنتم صادقين. وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين) [الصافات: 149 - 160]. وقال تعالى: (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين) [الأنبياء: 26 - 29]: وقال تعالى في أول سورة الكهف وهي مكية: (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا. وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) [الكهف: 1 - 5]. وقال تعالى: (قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون) [يونس: 68 - 70] فهذه الآيات المكيات الكريمات تشمل الرد على سائر فرق الكفرة من الفلاسفة ومشركي العرب واليهود والنصارى الذين ادعوا وزعموا بلا علم أن الله ولدا سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا.
ولما كانت النصارى عليهم لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة من أشهر من قال بهذه المقالة ذكروا في القرآن كثيرا للرد عليهم وبيان تناقضهم وقلة علمهم وكثرة جهلهم، وقد تنوعت أقوالهم في كفرهم، وذلك أن الباطل كثير التشعب والاختلاف والتناقض. وأما الحق فلا يختلف ولا يضطرب. قال الله تعالى: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) [النساء: 82]. فدل على أن الحق يتحد ويتفق والباطل يختلف ويضطرب. فطائفة من ضلالهم وجهالهم زعموا أن المسيح هو الله تعالى وطائفة قالوا هو ابن الله عز الله وطائفة قالوا هو ثالث ثلاثة. جل الله (1). قال الله تعالى في سورة المائدة: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شئ قدير) [المائدة: 17] فأخبر تعالى عن كفرهم وجهلهم وبين أنه الخالق القادر على كل شئ المتصرف في كل شئ وأنه رب كل شئ ومليكه وإلهه. وقال في أواخرها: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار. لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب اليم. أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور