عبد الله بن محمود من آل محمد بن مسلمة قال بلغني أن رجالا من خثعم كانوا يقولون: إن مما دعانا إلى الاسلام أنا كنا قوما نعبد الأوثان فبينا نحن ذات يوم عند وثن لنا إذ أقبل نفر يتقاضون إليه يرجون الفرج من عنده لشئ شجر بينهم إذ هتف بهم هاتف يقول:
يا أيها الناس ذوو الأجسام * من بين أشياخ إلى غلام ما أنتم وطائش الأحلام * ومسند الحكم إلى الأصنام أكلكم في حيرة نيام * أم لا ترون ما الذي أمامي من ساطع يجلو دجى الظلام * قد لاح للناظر من تهام ذاك نبي سيد الأنام * قد جاء بعد الكفر بالاسلام أكرمه الرحمن من امام * ومن رسول صادق الكلام أعدل ذي حكم من الاحكام * يأمر بالصلاة والصيام والبر والصلات للأرحام * ويزجر الناس عن الآثام والرجس والأوثان والحرام * من هاشم في ذروة السنام مستعلنا في البلد الحرام قال فلما سمعنا ذلك تفرقنا عنه وآتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمنا (1).
وقال الخرائطي: حدثنا عبد الله البلوي، حدثنا عمارة، حدثني عبيد الله بن العلاء، حدثنا محمد بن عكبر، عن سعيد بن جبير، أن رجلا من بني تميم يقال له رافع بن عمير - وكان أهدى الناس للطريق وأسراهم بليل، وأهجمهم على هول، وكانت العرب تسميه لذلك دعموص العرب لهدايته وجراوته على السير - فذكر عن بدء إسلامه قال: إني لأسير برمل عالج (2) ذات ليلة إذ غلبني النوم، فنزلت عن راحلتي ونختها وتوسدت ذراعها، ونمت وقد تعوذت قبل نومي فقلت: أعوذ بعظيم هذا الوادي (3) من الجن من أن أوذى أو أهاج فرأيت في منامي رجلا شابا يرصد ناقتي وبيده حربة يريد أن يضعها في نحرها، فانتبهت لذلك فزعا فنظرت يمينا وشمالا فلم أر شيئا، فقلت هذا حلم ثم عدت فغفوت فرأيت في منامي مثل رؤياي الأولى فانتبهت فدرت حول ناقتي فلم أر شيئا وإذا ناقتي ترعد، ثم غفوت فرأيت مثل ذلك فانتبهت فرأيت ناقتي تضطرب والتفت فإذا أنا برجل شاب كالذي رأيت في المنام بيده حربة ورجل شيخ ممسك بيده يرده عنها وهو يقول:
يا مالك بن مهلل بن دثار * مهلا فدى لك مئزري وإزاري